د. حنان المطوع / يا مرحباً / الترشيد مفعوله أكيد!

تصغير
تكبير
قبل أيام وقعت وزارة الكهرباء والماء عقداً لإنشاء محطة الصبية لتوليد الطاقة الكهربائية والتي من المفترض أن تعمل بداية من العام 2011 وبقوة 2000 ميغا واط، ويبلغ معدل هذه الطاقة الكهربائية تقريبا خُمس الطاقة الموجودة في الكويت، مع العلم أن كلفة المشروع تفوق 762 مليون دينار، وبهذا سوف توفر المحطة الطاقة اللازمة ولن يصبح لدينا مشكلة كهرباء في المستقبل بإذن الله، خصوصاً أن الوزارة تهدف إلى توفير 4500 ميغا واط، وسوف توقع خلال الأشهر المقبلة مشروع محطة الزور والذي سينتج 1500 ميغاواط. وللحقيقة هذا الخبر الذي نشرته الصحف من الأخبار المفرحة والمبهجة لنا جميعاً لأننا لن نتعرض للقطع الكهربائي المبرمج وغير المبرمج خلال أشهر الصيف شديدة الحرارة، وذلك في الأعوام التالية لـ 2011.
ولكن... هل يعني وجود طاقة كهربائية كافية لدينا أن نتخلى عن سياسة الترشيد ونسرف في استخدام الكهرباء؟ بالطبع لا بل لابد وأن تستمر الحملات الخاصة بالترشيد في الاستهلاك، ليس للكهرباء فقط وإنما في كل مناحي الحياة الأخرى، فالإسراف صفة من صفات إخوان الشياطين كما قال الله تعالى في كتابه الحكيم، والإسراف والتبذير للحقيقة من الصفات التي لا تسعد صاحبها وإنما تدر عليه النقم والبلاء وتجعله كمن يعيش بغير عقل، ولا دين، ولا فكر، ولا منطق، ولا حتى رحمة... لأن هذا الإسراف وما ينفق فيه من الممكن أن يوجه إلى مصادر أخرى، ولأعمال من شأنها أن تسعد كثيرين غيره وتسعده هو كذلك.
الترشيد يجب أن ينبع من السلوك العام للأسرة، ويكون من الأساسيات التي يغرسها ولي الأمر في النشء، ولا يكون الترشيد فقط عندما نتعرض لمحن سواء في الكهرباء، أو الماء، أو المال، ولذلك علينا أن نرشد في استخدام مواردنا بأشكالها كافة من تلقاء أنفسنا، فنسعد ونوفر الكثير من تلك الموارد التي من الممكن أن توجه إلى التنمية في مجالات أخرى.

أعجبني كثيراً حواراً نشر مع إحدى الموجهات في التربية، وتعرضت من خلاله إلى موضوع الترشيد بشكل عملي وعلمي في الوقت ذاته، وشرحت أموراً كثيرة على ربة المنزل أن تحث أسرتها على تنفيذها، وهذا من شأنه أن توفر الأسرة حوالي 20 في المئة من دخلها الذي يصرف في غير محله ونتيجة الإسراف، فقد نصحت هذه المربية الفاضلة باتباع سلوكيات محددة داخل المنزل تستطيع من خلالها أن ترشد كثيراً وذلك دون أي إحساس بالنقص في الخدمات المقدمة، وبكل بساطة وسهولة بمجرد اتباع بعض التعليمات البسيطة.
إهدارنا للموارد في الحقيقة أصبح من السلوكيات العادية والمتبعة، فيكفي أن نراقب ما يتم إلقاؤه من طعام في سلة المهملات نتيجة أننا نشتري ونعد طعاماً أكثر من حاجتنا... بينما هناك دول تعاني مجاعات، ويموت الآلاف يومياً نتيجة أنهم لا يجدون القليل من الطعام الذي نرميه، هل سألنا أنفسنا كم عدد الأدوات التي نستخدمها عند تناول الطعام ولا نكون في حاجة إليها أصلاً، وهل سألنا أنفسنا كم لتراً يستخدم من الماء عند غسلها، وكيف كان من الممكن أن نستخدم هذا الماء في شيء آخر مفيد، وهل سألنا كم عدد لترات الماء المهدرة التي تسير إلى المجاري، وإلى محطات الضخ لمياه الصرف الصحي وما يتسبب فيه هدر الماء من مشاكل بيئية وصحية ومالية؟
الإسراف امتد أيضاً إلى استخدام الغاز، والمواد المطهرة، والمواد المستعملة في التنظيف، وفي النظافة الشخصية، وغيرها من أوجه الإسراف الأخرى التي تؤثر على حياتنا وعلى بيئتنا بشكل سلبي كبير، فهل تعلم أن الإسراف وعدم الترشيد في استخدامات حياتك المختلفة يؤثر على كل شيء داخل وخارج منزلك بما في ذلك البيئة والهواء الذي تستنشقه؟ فالإسراف يعني الكثير من المخلفات ومن المواد التي تتفاعل بشكل سلبي مع البيئة، ويعني الكثير من مياه الصرف الصحي، ويعني الكثير من المهملات والقاذورات والمواد البلاستيكية عدوة البيئة.
الحديث عن موضوع الإسراف والترشيد لا ينتهي لأنه متشعب ويمتد إلى مجالات كثيرة، لكن ما نؤكد عليه هنا أن نحرص على تربية الأبناء على قيمة الترشيد، والمحافظة على صحتنا وبيئتنا ومواردنا بهذا الترشيد الذي سيكون له تأثير كبير وسيكون مفعوله أكيد، وهنا لا أقصد البخل إطلاقاً.
د. حنان المطوع
كاتبة كويتية
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي