أشقاء... من الطفولة إلى الشهرة

حسام وإبراهيم حسن... نجمان «كرويان» فوق العادة / الأخيرة

تصغير
تكبير
|القاهرةـ - من مختار محمود|
أي أسرة في أي مكان... تجتاحها السعادة، عندما يحقق أحد أفرادها نجاحا، يجلب عليه الشهرة، ويضعه تحت الأضواء، نجما متوهجا، يشار إليه بالبنان في مجاله أو مجتمعه وحتى خارجه، وتتهافت على نشر أخباره الصحف والمجلات، ومن ثمَّ يكون مثار فخر لها واعتزازا ليس لأسرته أو مجتمعه الصغير وفقط، ولكن قد يكون لدولته وأمته.
ولكن تلك السعادة سوف تتضاعف... عندما ينجح شقيقان، ويتألقان في مجال عملهما، ويغدوان نجمين في سماء الشهرة والذيوع، وهناك نماذج عربية وغربية من هنا أو من هناك. حققت تلك المعادلة الصعبة، تغلبت على العقبات، وحفرت في الصخر، ووصلت إلى قمة النجومية، وذروة التوهج، حتى انها ظلت باقية في الذاكرة، بالرغم من مرور عقود عدة على رحيلها.
النماذج التي نرصدها لأشقاء أو إخوة مشاهير، تتوزع بين العلم والسياسة والرياضة، والفن، ويجسد كل نموذج منها نبراسا للتحدي والإصرار على النجاح والتميز، ولاسيما أن معظم تلك النماذج، ولدت في أجواء صعبة لا تعرف رفاهية العيش، ولا لذة الحياة، وهو ما دفعها في البداية إلى تحقيق المستحيل، ثم ضاعف سعادتها، عندما وصلت إلى ما وصلت إليه.
ونعرض في تلك الحلقات لأشهر الأشقاء والإخوة... الذين حققوا الشهرة سواء في مجال واحد، أو مجالين مختلفين، فهناك من تألق فنيا «الأخوان رحباني» و«الشقيقان الأطرش»، وهناك من توهج رياضيا مثل «التوأم حسن».
كما أن هناك أشقاء... شقَّ كل منهم طريقه في الحياة في مجال مختلف، ووصل إلى قمة النجاح والتألق «الشقيقان الباز مثال حي»، كما نرصد بدايات كل منهما، وكيف كانت دافعا لهما للإبحار ضد الصعاب والعقبات وتجاوزها، وتحقيق النجاح والشهرة والخلود في ذاكرة البشر، باعتبارهما دليلا حيا على الإصرار والتحدي.
وفي السطور حكايات... تعرفنا عليها... ومواقف توقفنا عندها... وصور نادرة تحكي مسيرة الأشقاء.

في العاشر من أغسطس العام 1966 وفي ضاحية حلوان إحدى ضواحي مدينة القاهرة الجنوبية - قبل أن تنفصل عنها وتصبح محافظة مستقلة ولد حسام وإبراهيم حسن... أشهر توأم في تاريخ الرياضة المصرية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص.
وشكل التوأم على مدار تاريخهما الطويل في الملاعب ثنائيا خطيرا... وحققا العديد من البطولات للأندية التي لعبا فيها... سواء في مصر أو في الخارج عبر رحلة احترافية لم تستمر طويلا.
ولد التوأم حسام وإبراهيم في العام 1966... لأسرة مصرية بسيطة مثل معظم الأسر المصرية التي كانت تقطن حلوان في ذلك الوقت... وكان طموح الأسرة منحصرا في أن ينجح التوأم في دراستهما وأن يواصلا رحلة نجاحهما في الحياة.
لكن حسام وإبراهيم ومنذ صغرهما كانا يمتلكان إرادة خاصة... وعنادا واضحا... وكان يطمحان في أن يحققا حلمهما الخاص في تحقيق النجاح والشهرة في عالم الساحرة المستديرة.
البداية كورة
بدأ التوأم ممارسة لعبة كرة القدم في الشارع مثلهما مثل الكثيرين من مشاهير اللعبة في مصر والعالم... حيث لم تكن اللعبة في ذلك الوقت أخذت حقها من الاهتمام المطلوب... ولم يكن عدد الملاعب المتاحة كافيا لاستيعاب كل من يريدون اللعب... لم يتوقف التوأم كثيرا أمام هذه العقبات وقررا أن يمارسا كرة القدم في أي مكان يتاح لهما... وكان هدفهما أن يحققا ما يطمحان إليه بأي طريقة.
ولأنهما يمتلكان الموهبة والإرادة سرعان مابزغ نجمهما وذاع صيتهما منذ الصغر... وبعد فترة ليست طويلة انضما إلى ناشئي النادي الأهلي ليبدآ رحلة نجاح لم يسبقهما إليها أحد من اللاعبين في تاريخ الكرة المصرية... ولم يستطع لاعب واحد أن يحقق ما حققه التوأم من نجاح حتى الآن.
مسيرة التوأم الكروية مع النادي الأهلي بدأت في العام 1985... حينما تم تصعيدهما من فريق الناشئين في النادي ليلعبا ضمن صفوف الفريق الأول... ومنذ اليوم الأول لهما مع الفريق أثبتا وجودهما ونالا ثقة وتشجيع الجهاز الفني ومجلس إدارة النادي الذي قرر استمرارهما في اللعب مع الفريق الأول.
استمر التوأم يلعبان ضمن صفوف الفريق الأول للنادي الأهلي منذ العام 1985 حتى العام 1990 وهو العام الذي وصل فيه المنتخب المصري لكأس العالم بعد الفوز على الجزائر في مباراة تاريخية شهدت تألقا غير عادي للتوأم خصوصا حسام حسن الذي لن ينسى هذه المباراة.
وسيظل الهدف الذي أحرزه في تلك المباراة محفورا في تاريخ وذاكرة جميع المصريين... لأنه الهدف الذي أعاد بلاده لكأس العالم بعد أن ظلت بعيدة عنه 56 عاما... وفي المباريات التي خاضها المنتخب المصري في كأس العالم العام 1990 تألق حسام وابراهيم حسن لتنهال عليهما عروض الاحتراف مع نهاية البطولة.
واستقر بهما المقام في نادي «باوك اليوناني» الذي تقدم بعرض رسمي للنادي الأهلي... و لعب التوأم مع باوك 19 مباراة و سجل حسام 5 أهداف... ومع نهاية موسم 1991/1992 انتقل التوأم إلى نادي «نيوشاتل إكساماس السويسري» و لعبا 11 مباراة سجل حسام فيها 7 أهداف.
وبعد نهاية عقدهما مع النادي السويسري و في العام 1992 عاد التوأم إلى النادي الأهلي المصري ولعبا فيه حتى عام1999 وفي هذا العام انتقلا إلى نادي العين الإماراتي ، ولعبا معه 5 مباريات و سجل حسام 3 أهداف.
البطولة الأهم
وبالرغم من كثرة البطولات التي حققها التوأم في الفترة من العام 1985 وحتى العام 1999 إلا أن بطولة الأمم الأفريقية التي حققها منتخب مصر عام1998 وشارك فيها حسام حسن تظل هي البطولة الأهم في تاريخ التوأم بالرغم من عدم مشاركة إبراهيم في هذه البطولة نظرا لكثرة الانتقادات التي وجهت من المدير الفني للمنتخب محمود الجوهري في البطولة على ضمه لحسام حسن بالرغم من تراجع مستواه مع النادي الأهلي.
لكن حسام كان على قدر الرهان واستطاع أن يرد على جميع المشككين في قدراته وحصل في هذه البطولة على لقب «الهداف» و«أحسن لاعب» واختير بعد انتهاء البطولة ضمن تشكيل منتخب أفريقيا.
بعد بطولة بوركينا فاسو العام 1998 عاد التوأم ليواصلا رحلة نجاحهما مع الأهلي إلا أن الصدام بينهما وبين مدير الكرة في الأهلي الكابتن ثابت البطل - رحمه الله - عجل برحيلهما من النادي ولم يصدق وقتها الجميع أن حسام وإبراهيم اللذين قضيا عمرهما كله تقريبا بين جدران النادي الأهلي ممكن أن يغادراه بهذه البساطة وتوقع كثيرون أن يقرر التوأم اعتزال كرة القدم اكتفاء بما قدماه مع الأهلي ومنتخب مصر.
لكن التوأم وبإصرارهما المعهود قررا أن يستكملا مشوارهما الكروي خارج الأهلي بعد أن فشلت جميع المحاولات في إقناعهما بإعلان الاعتزال وتعيينهما في قطاع الناشئين في الأهلي.
الانتقال إلى الزمالك
في العام 2000 انتقل التوأم حسام وابراهيم حسن إلى نادي الزمالك - الغريم التقليدي للأهلي - في صفقة لم يتوقع أحد أن تحدث... وبقدوم التوأم إلى الزمالك عاد الفريق للزمن الجميل وعادت البطولات إلى ميت عقبة بعد أن خاصمته لفترة طويلة.
لعب التوأم في الزمالك 4 مواسم بداية من العام 2000 حتى العام 2004 ساهما خلالها في إحراز لقب الدوري العام 3 مرات 2001 - 2002 - 2004 ولقب كأس مصر العام 2002 ولقب دوري الأبطال الأفريقي العام 2002 ولقب السوبر الأفريقي العام 2003 ولقب السوبر المصري 3 مرات ولقب السوبر المصري - السعودي مرة واحدة ولقب وحيد لكأس الأندية العربية لأبطال الدوري.
في العام 2004 انتهت علاقة التوأم بنادي الزمالك وانتقلا إلى النادي المصري البورسعيدي ثم إلى نادي الترسانة.
نهاية المشوار
بعد أن قرر التوأم إنهاء مشوارهما الكروي فجر رئيس النادي المصري البورسعيدي الراحل سيد متولي مفاجأة من العيار الثقيل حينما أعلن عن التعاقد معهما ليتوليا مسؤولية تدريب النادي المصري وقبل حسام وإبراهيم التحدي وتمكنا في فترة وجيزة أن ينجحا في إنقاذ المصري من شبح الهبوط من الدوري العام بعد أن كان الفريق في مرتبة متأخرة جدا في ترتيب الجدول.
غير أن غيرة حسام وإبراهيم وعصبيتهما الزائدة التي لازمتهما طوال مشوارهما في الملاعب كانت سببا في الإطاحة بهما من تدريب النادي المصري بعد أن اشتبك إبراهيم حسن مع حكم مباراة فريقه مع فريق اتحاد بليدة الجزائري في مشهد مؤسف شاهده الملايين من عشاق كرة القدم - على الهواء مباشرة الأمر الذي جعل إدارة النادي المصري تضطر لإنهاء التعاقد معهما.
وتسبب ذلك التصرف في أزمة كبيرة بين مصر والجزائر... وأصدر اتحاد شمال أفريقيا قرارا بايقاف إبراهيم حسن عن التدريب لمدة 6 سنوات ولاتزال هذه العقوبة مستمرة على إبراهيم حسن حتى الآن.
بعد إنهاء النادي المصري التعاقد مع التوأم... تعاقد نادي المصرية للاتصالات الصاعد حديثا للدوري مع حسام حسن على قيادة الفريق من دون إبراهيم حسن الذي ينفذ عقوبة الإيقاف الموقعة عليه... وبالرغم من المجهود الذي بذله حسام مع المصرية للاتصالات إلا أن الفريق هبط إلى دوري القسم الثاني العام الماضي بفارق محدود جدا من النقاط.
العميد
في حياة حسام وإبراهيم محطات لا تنسى ومن دون أدنى شك وبكل مصداقية إذا كان لمصر تاريخ كروي على الصعيد الدولي فإن حسام وإبراهيم ساهما في تحقيق وصناعة هذا التاريخ بما حققاه من بطولات سواء مع الأهلي والزمالك أو مع منتخب مصر.
وإذا كان إبراهيم حسن هو أبرز جناح أيمن في تاريخ الكرة المصرية فحسام حسن الذي حصل على لقب عميد لاعبي العالم... واحد من اللاعبين القلائل في تاريخ مصر الذين حققوا أرقاما وإنجازات كروية يصعب أن تتكرر فهو أحسن لاعب أنجبته القارة الأفريقية وفقا لشهادة الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي منح حسام لقب أفضل لاعب في تاريخ أفريقيا... وهو واحد من النجوم الذين ينحني لهم التاريخ الكروي العالمي بفخر واعتزاز مع فتح صفحة لتسجيل إنجازاته بأحرف من الذهب الخالص سواء مع الأندية أو مع المنتخب الوطني المصري... لأنه ظاهرة كروية صنعت مجدها الحقيقي بأهم عوامل الانتصار في الملاعب وهي تسجيل الأهداف وإحراز الانتصارات والألقاب.
وحسام حسن هو ملك بطولة كأس الأمم الأفريقية بوصفه أكثر لاعب في تاريخ القارة السمراء حصولا عليها مع منتخب بلاده أعوام 1986/ 1998 / 2006 والتي شهدت أيضا تألقا غير عادي له في المونديال الأفريقي 1998 ببوركينا فاسو التي قاد فيها الفراعنة لإحراز اللقب بأهدافه التي منحته لقب الهداف أيضا ولقب أفضل لاعب في البطولة وهو يعد اللاعب الأفريقي الأكثر حصولا على اللقب - بجانب السبعة - كونه أكبر لاعب يسجل في تاريخ العرس الأفريقي بعد تسجيله هدفا في الكونغو في اللقاء الأخير الذي جمع بين المنتخبين ووقتها كان حسام قد تخطى عامه الـ39 بـ5 أشهر.
كما يمتلك حسام أيضا إنجازا تاريخيا ولكن على المستوى العربي ممثلا في إحرازه لقب كأس العرب العام 1992 بسورية بهدفه التاريخي في مرمى السعودية في نهائي المونديال العربي.
هداف تاريخي
وحسام أيضا هو الهداف التاريخي لمنتخبات القارة السمراء على الصعيد الدولي وكذلك عميد المباريات الدولية فلا يوجد نجم أنجبته القارة السمراء أحرز 69 هدفا مع منتخب بلاده على مدار التاريخ وكذلك لم يرتد لاعب أفريقي واحد قميص منتخب بلاده في 170 مباراة دولية وهو رقم قياسي ثاني يحمله حسام الذي بات اللاعب الأفريقي الوحيد الذي نال شارة عميد لاعبي العالم التي منحها له جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» العام 2001.
كما يمتلك العميد رقما قياسيا ثالثا وهو كونه اللاعب الوحيد داخل القارة السمراء الذي يسجل 4 أهداف مع فريقه في بطولة أوروبية عندما كان يرتدي قميص نيو شاتل السويسري العام 1991 وقد سجل أهدافه الأربعة بمرمى فريق سيلتيك رينجيرز في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي.
ويعتبر حسام اللاعب الوحيد الذي استطاع أن يحرز لقب الدوري بقارتي أفريقيا وآسيا في القرن العشرين... ففعلها مع الأهلي مرات عدة ومع العين الإماراتي في موسم 1999/2000 بل ويحمل العميد أيضا رقما قياسيا آخر وهو تسجيله 214 هدفا خلال مسيرته الكروية مع المنتخب والأندية وهو الرقم الذي لم يصل إليه أي لاعب على الإطلاق.
بجانب حصوله على «الوسام الشرفي» أخيراً من الاتحاد الدولي بوصفه اللاعب الوحيد في العالم الذي استطاع أن يحرز الأهداف على مدار 22 موسما متتاليا وهو مالم يستطع أي أسطورة من الأساطير اللامعة في عالم كرة القدم الدولي العالمي تحقيقه.
وعلى المستوى المحلي يعتبرالعميد أفضل ثاني هداف في تاريخ مسابقة الدوري العام برصيد 166 هدفا بفارق 10 أهداف عن حسن الشاذلي صاحب الرقم القياسي في عدد الأهداف.
ومن إنجازاته الشرفية أيضا حصوله على لقب «أفضل رابع لاعب أفريقي» العام 1998 والمركز السابع أيضا في نفس المسابقة العام 1989 من مجلة الفرانس فوتبول، وتم اختياره ضمن قائمة أفضل 100 لاعب في تاريخ الكرة العالمية بجوار الأساطير «مارادونا وبيليه ويوهان كرويف وزيدان» من قبل مجلة «ورلد سوكر» الإنكليزية الشهيرة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي