فوائد من قصة يوسف الصدَّيق
وليد العلي
تعتبر قصة نبي الله يوسف عليه السلام من احسن القصص القرآني، ولكثرة ما فيها من عبر ودروس وعظات فقد استنبط الامام ابن قيم الجوزية - رحمه الله - منها مئة فائدة جمعها الاستاذ الدكتور وليد بن محمد بن عبدالله العلي استاذ العقيدة في كلية الشريعة والدراسات الاسلامية جامعة الكويت في كتاب اسماه «الروض الانيق في الفوائد المستنبطة من قصة يوسف الصديق».
وقد قسمه إلى اجزاء يشتمل كل جزء على فائدة او اكثر وسنقوم بعرضها تباعا طوال شهر رمضان المبارك ليستفيد بها اكبر قدر من القراء الاعزاء.
الجزء الثلاثون
الفائدة الثامنة بعد المئة
ان التأويل في عرف السلف المراد به: التأويل في مثل قوله تعالى (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق) وقوله تعالى (ذلك خير واحسن تأويلا) وقول يوسف (يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا) وقول يعقوب: (ويعلمك من تأويل الاحاديث) وكذلك (وقال الذي نجا منهما وادكر بعد امة انا انبئكم بتأويله) وقال يوسف (لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما) فتأويل الكلام الطلبي: هو نفس فعل المأمور به والمنهي عنه، كما قال ابن عيينة (السنة تأويل الامر والنهي) وقالت عائشة: «كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك يتأول القرآن» واما تأويل ما اخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر: فهو نفس الحقيقة التي اخبر الله عنها، وذلك في حق الله: هو كنه ذاته وصفاته التي لا يعلمها غيره، ولهذا قال مالك وربيعة (الاستواء معلوم، والكيف مجهول) وكذلك قال ابن الماجشون والامام احمد وغيرهما من السلف: انا لا نعلم كيفية ما اخبر الله به عن نفسه، وان كنا نعلم تفسيره ومعناه وقد فسر الامام احمد الآيات التي احتج بها الجهمية من المتشابه وقال (انهم تأولوها على غير تأويلها) وبين معناها وكذلك الصحابة والتابعون فسروا القرآن وعلموا المراد بآيات الصفات كما علموا المراد من ايات الامر والنهي وان لم يعلموا الكيفية كما علموا معاني ما اخبر من السلف ان تأويل المتشابه لا يعلمه إلا الله بهذا المعنى فهو حق واما من قال: ان التأويل الذي هو تفسيره وبيان المراد منه لا خلافه قال مجاهد (عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته، اقفه عند كل اية واسأله عنها) وقال عبدالله بن مسعود (ما في كتاب الله آية إلا وانا اعلم فيما انزلت) وقال الحسن البصري: (ما انزل الله آية إلا وهو يحب ان يعلم ما اراد بها) وقال مسروق: (ما نسأل اصحاب محمد عن شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن علمنا قصر عنه) وقال الشعبي: (ما ابتدع قوم بدعة إلا وفي كتاب الله بيانها) (الصواعق المرسلة 3/923-925).
الفائدة التاسعة بعد المئة
تسمى العاقبة: تأويلا لأن الامر يصير اليها ومنه قوله تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) وتسمى حقيقة الشيء المخبر به: تأويلا، لأن الامر ينتهي اليها ومنه قوله: (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق) فمجيء تأويله: مجيء نفس ما اخبرت به الرسل من اليوم الآخر والمعاد وتفاصيله الجنة والنار ويسمى تعبير الرؤيا: تأويلا بالاعتبارين، فإنه تفسير لها، وهو عاقبتها وما تؤول اليه وقال يوسف لأبيه (يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل). اي: حقيقتها ومصيرها، إلى ها هنا انتهت، وتسمى العلة الغائبة والحكمة المطلوبة بالفعل: تأويلا، لأنها بيان المقصود الفاعل وغرضه من الفعل الذي لم يعرف الرائي له غرضه به، ومنه قول الخضر لموسى عليهما السلام بعد ان ذكر له الحكمة المقصودة بما فعله من تخريق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار بلا عوض: (سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا) فلما اخبره بالعلة الغائبة التي انتهى اليها فعله قال (ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا) فالتأويل في كتاب الله سبحانه وتعالى المراد به حقيقة المعنى الذي يؤول اللفظ اليه وهي الحقيقة الموجودة في الخارج (الصواعق المرسلة 1/176 - 177). الفوائد المستنبطة من قول الله تعالى (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين) يوسف 101.
الفائدة العاشرة بعد المئة
قوله تعالى عن يوسف نبيه انه قال (انت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين) قال الامام احمد ليس احد من الانبياء تمنى الموت غير يوسف قال (توفني مسلما) بدائع الفوائد 3/98.
الفائدة الحادية عشرة بعد المئة
جمعت هذه الدعوة الاقرار بالتوحيد والاستسلام للرب واظهار الافتقار اليه والبراءة من موالاة غيره سبحانه، وكون الوفاة على الاسلام اجل غايات العبد، وان ذلك بيد الله لا بيد العبد، والاعتراف بالمعاد، وطلب مرافقة السعداء (الفوائد ص223).
الفائدة الثانية عشرة بعد المئة
الشوق اثر من اثار المحبة وحكم من احكامها فإنه سفر القلب إلى المحبوب في كل حال. وقيل: هو اهتياج القلوب إلى لقاء المحبوب وقيل هو احتراق الاحشاء ومنها يتهيج ويتولد ويلهب القلوب ويقطع الاكباد والمحبة اعلى منه لأن الشوق عنها يتولد وعلى قدرها يقوى ويضعف، قال يحيى بن معاذ: علامة الشوق فطام الجوارح عن الشهوات وقال ابو عثمان علامته حب الموت مع الراحة والعافية، كحال يوسف لما القي في الجب لم يقل توفني ولما ادخل السجن لم يقل: توفني، ولما تم له الامر والامن والنعمة قال: (توفني مسلما) مدارج السالكين 3/54).
وهذه آخر الفوائد التي استخرجتها من كلام الامام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى وبها تختتم هذه الرياض المونقات، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وقد قسمه إلى اجزاء يشتمل كل جزء على فائدة او اكثر وسنقوم بعرضها تباعا طوال شهر رمضان المبارك ليستفيد بها اكبر قدر من القراء الاعزاء.
الجزء الثلاثون
الفائدة الثامنة بعد المئة
ان التأويل في عرف السلف المراد به: التأويل في مثل قوله تعالى (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق) وقوله تعالى (ذلك خير واحسن تأويلا) وقول يوسف (يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا) وقول يعقوب: (ويعلمك من تأويل الاحاديث) وكذلك (وقال الذي نجا منهما وادكر بعد امة انا انبئكم بتأويله) وقال يوسف (لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما) فتأويل الكلام الطلبي: هو نفس فعل المأمور به والمنهي عنه، كما قال ابن عيينة (السنة تأويل الامر والنهي) وقالت عائشة: «كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك يتأول القرآن» واما تأويل ما اخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر: فهو نفس الحقيقة التي اخبر الله عنها، وذلك في حق الله: هو كنه ذاته وصفاته التي لا يعلمها غيره، ولهذا قال مالك وربيعة (الاستواء معلوم، والكيف مجهول) وكذلك قال ابن الماجشون والامام احمد وغيرهما من السلف: انا لا نعلم كيفية ما اخبر الله به عن نفسه، وان كنا نعلم تفسيره ومعناه وقد فسر الامام احمد الآيات التي احتج بها الجهمية من المتشابه وقال (انهم تأولوها على غير تأويلها) وبين معناها وكذلك الصحابة والتابعون فسروا القرآن وعلموا المراد بآيات الصفات كما علموا المراد من ايات الامر والنهي وان لم يعلموا الكيفية كما علموا معاني ما اخبر من السلف ان تأويل المتشابه لا يعلمه إلا الله بهذا المعنى فهو حق واما من قال: ان التأويل الذي هو تفسيره وبيان المراد منه لا خلافه قال مجاهد (عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته، اقفه عند كل اية واسأله عنها) وقال عبدالله بن مسعود (ما في كتاب الله آية إلا وانا اعلم فيما انزلت) وقال الحسن البصري: (ما انزل الله آية إلا وهو يحب ان يعلم ما اراد بها) وقال مسروق: (ما نسأل اصحاب محمد عن شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن علمنا قصر عنه) وقال الشعبي: (ما ابتدع قوم بدعة إلا وفي كتاب الله بيانها) (الصواعق المرسلة 3/923-925).
الفائدة التاسعة بعد المئة
تسمى العاقبة: تأويلا لأن الامر يصير اليها ومنه قوله تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) وتسمى حقيقة الشيء المخبر به: تأويلا، لأن الامر ينتهي اليها ومنه قوله: (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق) فمجيء تأويله: مجيء نفس ما اخبرت به الرسل من اليوم الآخر والمعاد وتفاصيله الجنة والنار ويسمى تعبير الرؤيا: تأويلا بالاعتبارين، فإنه تفسير لها، وهو عاقبتها وما تؤول اليه وقال يوسف لأبيه (يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل). اي: حقيقتها ومصيرها، إلى ها هنا انتهت، وتسمى العلة الغائبة والحكمة المطلوبة بالفعل: تأويلا، لأنها بيان المقصود الفاعل وغرضه من الفعل الذي لم يعرف الرائي له غرضه به، ومنه قول الخضر لموسى عليهما السلام بعد ان ذكر له الحكمة المقصودة بما فعله من تخريق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار بلا عوض: (سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا) فلما اخبره بالعلة الغائبة التي انتهى اليها فعله قال (ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا) فالتأويل في كتاب الله سبحانه وتعالى المراد به حقيقة المعنى الذي يؤول اللفظ اليه وهي الحقيقة الموجودة في الخارج (الصواعق المرسلة 1/176 - 177). الفوائد المستنبطة من قول الله تعالى (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين) يوسف 101.
الفائدة العاشرة بعد المئة
قوله تعالى عن يوسف نبيه انه قال (انت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين) قال الامام احمد ليس احد من الانبياء تمنى الموت غير يوسف قال (توفني مسلما) بدائع الفوائد 3/98.
الفائدة الحادية عشرة بعد المئة
جمعت هذه الدعوة الاقرار بالتوحيد والاستسلام للرب واظهار الافتقار اليه والبراءة من موالاة غيره سبحانه، وكون الوفاة على الاسلام اجل غايات العبد، وان ذلك بيد الله لا بيد العبد، والاعتراف بالمعاد، وطلب مرافقة السعداء (الفوائد ص223).
الفائدة الثانية عشرة بعد المئة
الشوق اثر من اثار المحبة وحكم من احكامها فإنه سفر القلب إلى المحبوب في كل حال. وقيل: هو اهتياج القلوب إلى لقاء المحبوب وقيل هو احتراق الاحشاء ومنها يتهيج ويتولد ويلهب القلوب ويقطع الاكباد والمحبة اعلى منه لأن الشوق عنها يتولد وعلى قدرها يقوى ويضعف، قال يحيى بن معاذ: علامة الشوق فطام الجوارح عن الشهوات وقال ابو عثمان علامته حب الموت مع الراحة والعافية، كحال يوسف لما القي في الجب لم يقل توفني ولما ادخل السجن لم يقل: توفني، ولما تم له الامر والامن والنعمة قال: (توفني مسلما) مدارج السالكين 3/54).
وهذه آخر الفوائد التي استخرجتها من كلام الامام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى وبها تختتم هذه الرياض المونقات، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.