فوائد من قصة يوسف الصدَّيق
وليد العلي
تعتبر قصة نبي الله يوسف عليه السلام من احسن القصص القرآني، ولكثرة ما فيها من عبر ودروس وعظات فقد استنبط الامام ابن قيم الجوزية - رحمه الله - منها مئة فائدة جمعها الاستاذ الدكتور وليد بن محمد بن عبدالله العلي استاذ العقيدة في كلية الشريعة والدراسات الاسلامية جامعة الكويت في كتاب اسماه «الروض الانيق في الفوائد المستنبطة من قصة يوسف الصديق».
وقد قسمه إلى اجزاء يشتمل كل جزء على فائدة او اكثر وسنقوم بعرضها تباعا طوال شهر رمضان المبارك ليستفيد بها اكبر قدر من القراء الاعزاء.
الجزء الرابع والعشرون
الفوائد المستنبطة من قول الله تعالى:
(قالوا ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال انتم شر مكانا والله اعلم بما تصفون) الآية 77
الفائدة الخامسة والسبعون:
اما قياس الشبه: فلم يحكه الله سبحانه إلا عن المبطلين، فمنه: قوله تعالي اخبارا عن اخوة يوسف انهم قالوا لما وجدوا الصواع في رحل اخيهم: (ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل).
فلم يجمعوا بين الاصل والفرع بعلة ولا دليلها، وانما ألحقوا احدهما بالآخر من غير دليل جامع، سوى مجرد الشبه الجامع بينه وبين يوسف، فقالوا: هذا مقيس على اخيه، بينهما شبه من وجوه كثيرة، وذاك قد سرق فكذلك هذا.
وهذا هو الجمع بالشبه الفارغ، والقياس بالصورة المجردة عن العلة المقتضية للتساوي وهو قياس فاسد والتساوي في قرابة الاخوة ليس بعلة للتساوي في السرقة لو كانت حقا ولا دليل على التساوي فيها، فيكون الجمع لنوع شبه خال عن العلة ودليلها (اعلام الموقعين 1/148).
الفائدة السادسة والسبعون:
حكى الله سبحانه عن يوسف الصديق انه قال لاخوته: (انتم شر مكانا والله اعلم بما تصفون) لما قالوا (ان يسرق فقد سرق اخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم).
ذلك للمصلحة التي اقتضت كتمان الحال (اعلام الموقعين 1/330).
الفائدة السابعة والسبعون:
الفائدة المستنبطة من قول الله تعالى (قالوا يأيها العزيز ان له ابا شيخا كبيرا فخذ احدنا مكانه انا نراك من المحسنين قال معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا اذا لظالمون) الايتان 78 - 79.
- قال يوسف عليه السلام لما عرضوا عليه ان يأخذ احدهم مكان اخيهم (معاذ الله ان نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده).
ولم يقل: ان نأخذ الا من سرق فإن المتاع كان موجودا عنده، ولم يكن سارقا، وهذا من احسن المعاريض.
وقد قال نصر بن حاجب: سئل سفيان بن عيينة عن الرجل يعتذر إلى اخيه من الشيء الذي قد فعله، ويحرف القول فيه ليرضيه، ايأثم في ذلك؟ فقال: ألم تسمع قوله عليه السلام: «ليس بكاذب من أصلح بين الناس فكذب فيه».
فإذا اصلح بينه وبين اخيه المسلم كان خيرا من ان يصلح بين الناس بعضهم في بعض، وذلك انه اراد به مرضاة الله، وكراهية اذى المؤمن، ويندم على ما كان منه ويدفع شره عن نفسه، ولا يريد بالكذب اتخاذ المنزلة عندهم ولا طمعا في شيء يصيبه منهم فإنه لم يرخص في ذلك ورخص له اذا كره موجدتهم وخاف عداوتهم.
قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (اني اشتري ديني بعضه ببعض مخافة ان اقدم على ما هو اعظم منه).
قال سفيان (وقال الملكان خصمان بغى بعضنا على بعض) ارادا معنى شيء ولم يكونا خصمين فلم يصيرا بذلك كاذبين.
وقال ابراهيم عليه السلام (اني سقيم) وقال: (بل فعله كبيرهم هذا).
وقال يوسف عليه السلام (انكم لسارقون) اراد معنى اخاهم.
فبين سفيان رحمه الله تعالى ان هذا كله من المعاريض المباحة مع تسميته كذبا وان لم يكن في الحقيقة كذبا (اغاثة اللهفان 2/150-152).
الفائدة الثامنة والسبعون:
الفائدة المستنبطة من قول الله تعالى (واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي اقبلنا فيها وانا لصادقون) الآية 82
- انما يضمر المضاف حيث يتعين ولا يصح الكلام إلا بتقديره للضرورة، كما اذا قيل: اكلت الشاة فإن المفهوم من ذلك: اكلت لحمها فحذف المضاف لا يلبس، وكذلك اذا قلت: اكل فلان كبد فلان، اذا اكل ماله فإن المفهوم اكل ثمرة كبده فحذف المضاف هنا لا يلبس ونظائره كثيرة.
وليس منه (واسأل القرية) وان كان اكثر الاصوليين يمثلون به، فإن القرية: اسم للسكان في مسكن مجتمع، فإنما تطلق القرية باعتبار الامرين كالكأس: لما فيه من الشراب والذنوب: للدلو الملآن ماء، والخوان: للمائــــــــدة اذا كـــــــــان عليـــــــها طعــــــام ونظائــــره.
ثم انهم لكثرة استعمالهم لهذه اللفظة ودورانها في كلامهم اطلقوها على السكان تارة وعلى المسكن تارة بحسب سياق الكلام وبساطه، وانما يفعلون هذا حيث لا لبس فيه فلا اضمار في ذلك ولا حذف فتأمل هذا الموضع الذي خفي على القوم مع وضوحه (بدائع الفوائد 3/22-23).
وقد قسمه إلى اجزاء يشتمل كل جزء على فائدة او اكثر وسنقوم بعرضها تباعا طوال شهر رمضان المبارك ليستفيد بها اكبر قدر من القراء الاعزاء.
الجزء الرابع والعشرون
الفوائد المستنبطة من قول الله تعالى:
(قالوا ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال انتم شر مكانا والله اعلم بما تصفون) الآية 77
الفائدة الخامسة والسبعون:
اما قياس الشبه: فلم يحكه الله سبحانه إلا عن المبطلين، فمنه: قوله تعالي اخبارا عن اخوة يوسف انهم قالوا لما وجدوا الصواع في رحل اخيهم: (ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل).
فلم يجمعوا بين الاصل والفرع بعلة ولا دليلها، وانما ألحقوا احدهما بالآخر من غير دليل جامع، سوى مجرد الشبه الجامع بينه وبين يوسف، فقالوا: هذا مقيس على اخيه، بينهما شبه من وجوه كثيرة، وذاك قد سرق فكذلك هذا.
وهذا هو الجمع بالشبه الفارغ، والقياس بالصورة المجردة عن العلة المقتضية للتساوي وهو قياس فاسد والتساوي في قرابة الاخوة ليس بعلة للتساوي في السرقة لو كانت حقا ولا دليل على التساوي فيها، فيكون الجمع لنوع شبه خال عن العلة ودليلها (اعلام الموقعين 1/148).
الفائدة السادسة والسبعون:
حكى الله سبحانه عن يوسف الصديق انه قال لاخوته: (انتم شر مكانا والله اعلم بما تصفون) لما قالوا (ان يسرق فقد سرق اخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم).
ذلك للمصلحة التي اقتضت كتمان الحال (اعلام الموقعين 1/330).
الفائدة السابعة والسبعون:
الفائدة المستنبطة من قول الله تعالى (قالوا يأيها العزيز ان له ابا شيخا كبيرا فخذ احدنا مكانه انا نراك من المحسنين قال معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا اذا لظالمون) الايتان 78 - 79.
- قال يوسف عليه السلام لما عرضوا عليه ان يأخذ احدهم مكان اخيهم (معاذ الله ان نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده).
ولم يقل: ان نأخذ الا من سرق فإن المتاع كان موجودا عنده، ولم يكن سارقا، وهذا من احسن المعاريض.
وقد قال نصر بن حاجب: سئل سفيان بن عيينة عن الرجل يعتذر إلى اخيه من الشيء الذي قد فعله، ويحرف القول فيه ليرضيه، ايأثم في ذلك؟ فقال: ألم تسمع قوله عليه السلام: «ليس بكاذب من أصلح بين الناس فكذب فيه».
فإذا اصلح بينه وبين اخيه المسلم كان خيرا من ان يصلح بين الناس بعضهم في بعض، وذلك انه اراد به مرضاة الله، وكراهية اذى المؤمن، ويندم على ما كان منه ويدفع شره عن نفسه، ولا يريد بالكذب اتخاذ المنزلة عندهم ولا طمعا في شيء يصيبه منهم فإنه لم يرخص في ذلك ورخص له اذا كره موجدتهم وخاف عداوتهم.
قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (اني اشتري ديني بعضه ببعض مخافة ان اقدم على ما هو اعظم منه).
قال سفيان (وقال الملكان خصمان بغى بعضنا على بعض) ارادا معنى شيء ولم يكونا خصمين فلم يصيرا بذلك كاذبين.
وقال ابراهيم عليه السلام (اني سقيم) وقال: (بل فعله كبيرهم هذا).
وقال يوسف عليه السلام (انكم لسارقون) اراد معنى اخاهم.
فبين سفيان رحمه الله تعالى ان هذا كله من المعاريض المباحة مع تسميته كذبا وان لم يكن في الحقيقة كذبا (اغاثة اللهفان 2/150-152).
الفائدة الثامنة والسبعون:
الفائدة المستنبطة من قول الله تعالى (واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي اقبلنا فيها وانا لصادقون) الآية 82
- انما يضمر المضاف حيث يتعين ولا يصح الكلام إلا بتقديره للضرورة، كما اذا قيل: اكلت الشاة فإن المفهوم من ذلك: اكلت لحمها فحذف المضاف لا يلبس، وكذلك اذا قلت: اكل فلان كبد فلان، اذا اكل ماله فإن المفهوم اكل ثمرة كبده فحذف المضاف هنا لا يلبس ونظائره كثيرة.
وليس منه (واسأل القرية) وان كان اكثر الاصوليين يمثلون به، فإن القرية: اسم للسكان في مسكن مجتمع، فإنما تطلق القرية باعتبار الامرين كالكأس: لما فيه من الشراب والذنوب: للدلو الملآن ماء، والخوان: للمائــــــــدة اذا كـــــــــان عليـــــــها طعــــــام ونظائــــره.
ثم انهم لكثرة استعمالهم لهذه اللفظة ودورانها في كلامهم اطلقوها على السكان تارة وعلى المسكن تارة بحسب سياق الكلام وبساطه، وانما يفعلون هذا حيث لا لبس فيه فلا اضمار في ذلك ولا حذف فتأمل هذا الموضع الذي خفي على القوم مع وضوحه (بدائع الفوائد 3/22-23).