د. عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / الطفوح ليس في مشرف فقط

تصغير
تكبير
يظن البعض أن مضخة مشرف توقفت فجأة هكذا وبلا مقدمات، مع إن بعض الظن إثم، فمن المستحيل أن الأمر حدث هكذا من دون أي أسباب، خصوصاً وأنها جديدة، ولم يمض على انشائها سوى عامين فقط، ولكننا سنتجاوز عن الأمر حالياً بغية التركيز على الحل دون أي شيء آخر.
روى لي أحد الزملاء المهندسين له علاقة بأحد مهندسي شركات الصيانة المشرفة على تبريد غرف مضخات محطة مشرف المنكوبة، بأنهم طالبوا مشرفي الوزارة مراراً وتكراراً بزيادة التكييف في غرف تبريد المضخات دون فائدة، حتى وقعت الأزمة وتعطلت المضخات الثلاث، ما جعلنا نستجدي خبراء من الخارج لينقذونا مما فعلته أيدينا.
خرج بعدها أحدهم ليقول إن الشركة هي المسؤولة عما جرى لأن المحطة ما زالت تحت كفالتهم! يا سلام... وماذا استفدنا نحن من هذا الكلام؟ وطمأننا وزير الأشغال بعد ذلك بأن الأمور تحت السيطرة، فلا تخافوا ولا تحزنوا، وانبرت جماعة الخط الأخضر التي تدعي المحافظة على البيئة لتطالب باستقالة رئيس مجلس الوزراء وحكومته الرشيدة احتراماً لمسؤوليتهم التاريخية، لتخلط أوراق البيئة بأوراق السياسة.

نواب الأمة وكتاب الصحف انبروا كل على شاكلته وهواه، فمنهم مدافع عن الوزير، ومنهم مطالب له بالاستقالة والتنحي، مع أن الأمر يستدعي منا تكاتف الجهود، وتلاقح الأفكار لحل المشكلة بعيداً عن التصفيات السياسية بين فلان وعلان، ولكن ليسمح لي نواب الدائرة الأولى بالعتب لصمتهم الرهيب تجاه القضية، والتي تخص ناخبيهم بالدرجة الأولى.
ليت الأمر توقف عند طفوح مجاري مضخة مشرف فحسب، وإنما طفحت إلى السطح خلافاتنا الأخرى كالعادة، طفحت خلافاتنا المذهبية والسياسية لتزكم الأنوف والصدور، فإن كانت المجاري تضر البيئة وتسمم المياه الإقليمية، فإن خلافاتنا في الأفكار والرؤى تسمم المجتمع بأكمله، لتعطل التنمية التي نريد لأجيالنا المقبلة، ولكن من ذا الذي يسمع؟
لنفرض يا سادة أن الوزير صفر قدم استقالته جراء مع حدث، فمن سيقوم بحل المشكلة؟ نواب مجلس الأمة الذين ليس لهم همٌّ سوى الظهور الإعلامي والتصاريح النارية إبراء للذمم أمام الرأي العام! ومن سيتابع الموضوع مع الوكلاء المعنيين بالأمر؟ فبدلاً من التناحر والتناطح السياسي وتضارب المصالح هنا وهناك لنقدم الحل والدعم المطلوب، وبعدها لكل حادث حديث.
في الأفق
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله عنها لِمَ لَمْ أسوي لها الطريق».
د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي