د. وائل الحساوي / نسمات / براءة اختراع كويتية

تصغير
تكبير
تشتهر الولايات المتحدة الأميركية بأن لديها أقوى جيش في العالم مجهز بأحدث الأجهزة الحربية، وتشتهر ألمانيا بأن لديها أفضل السيارات في العالم، وتشتهر اليابان بأنها قد سبقت العالم في مجال الإلكترونيات والروبوت، وتشتهر الصين بأن لديها صناعات رخيصة غزت بها العالم، فبماذا تشتهر الكويت؟!
بعد دراسة متأنية اكتشفت بأن الكويت قد سبقت العالم كله في تقليد الأشخاص وفي «الطنازة»، والدليل هو ما تزخر به قنواتنا الفضائية من مسلسلات وبرامج متواصلة همها الأول هو الاستهزاء بجميع شخصيات العالم وإضحاك الناس عليهم، سواء بتقليد أشخاصهم أم بالأفلام الكرتونية أم ببرامج تستهزئ بالمشهورين منهم مثل برنامج «صادوه» والذي قلده المصريون.
والمشكلة هي أن من يقلد أولئك المشهورين لا يراعي الصدق في نقل كلامهم بل يضع كلاماً مكذوباً عليهم أو مواقف لا تجوز في حقهم، بل ويضخم عيوبهم الخَلْقية ليضحك الناس عليهم مما يخالف التوجيه الرباني (لا يسخر قوم من قوم).

وبالرغم من هذا التقليد الممسوخ والتنابز بالألقاب الذي أصبح صفة دائمة لقنواتنا الفضائية إلا أن أحداً لم يحتج أو يتكلم حتى مس الكلام شخصيات نوابنا المكرمين وحكومتنا الموقرة، وهنا ثارت ثائرتهم وطالبوا وزارة الإعلام بايقاف تلك البرامج ومعاقبة القائمين عليها، ثم تفاعل الموضوع بعد تطبيق وزارة الإعلام قانون المرئي والمسموع على تلك الفضائيات، ونشرت إعلانات مدفوعة في الصحف لتبين مخالفة تلك المسلسلات للقانون، وهنا ثارت ثائرة بعض الكتاب وجمعيات حقوق الإنسان مستنكرة أن تتم مصادرة حريات الناس من الوزارة، وأصبحنا نعيش في أزمة جديدة كسابقاتها.
وهنا لابد أن أقول وبصراحة إن قانون المرئي والمسموع الذي احتجت به الوزارة على ايقاف برنامج «صوتك وصل» لقناة سكوب الفضائية واضح في حق الوزارة في وقف اي برنامج مخالف لأحكام هذا القانون، وأن سكوب قد خالفت نص المادة (10) و(11) من القانون الذي يمنع المساس بكرامة الاشخاص أو حياتهم الخاصة وكذلك يمنع الدعوة أو الحض على كراهية أو ازدراء اي فئة من فئات المجتمع، لكن الاشكالية هي في انتقاء برنامج «صوتك وصل» لأنه يقلد بعض المشاهير من النواب وغيرهم، بينما عشرات البرامج التي تستهزئ بجميع فئات المجتمع لا تلقي لها الوزارة بالاً، فهل أصبحت القوانين مفصلة على فئات معينة أم هل أصبح صاحب الصوت العالي له مكانة فوق القانون؟!
أنا مع التشدد فيما يمس الأشخاص وكرامتهم وعدم التساهل مع من يسخرون منهم لا سيما اذا اشتملت تلك السخرية على كذب وتشويه للواقع، ولكن لابد من عدل في تطبيق القانون، ولهذا لابد من سحب البساط من يد الوزارة في تطبيق القانون وتركه في يد القضاء العادل وهو ما يتطلب تعديلاً على القانون يتوافق مع قانون المطبوعات الذي يضع سلطة التوقيف والعقوبة في يد القضاء.
د. وائل الحساوي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي