د. وائل الحساوي / نسمات / تاريخ ضائع

تصغير
تكبير
أهداني أخي العزيز «عبداللطيف الحمدي القناعي» كتابا عجيبا بعنوان «تاريخ ضائع... التراث الخالد لعلماء الاسلام ومفكريه وفنانيه» للكاتب الاميركي (مايكل هاميلتون مورغان) يتحدث مؤلفه عن التاريخ الاسلامي منذ نشأة الاسلام وحتى يومنا هذا، وكيف ساهم المسلمون في دفع عجلة التنمية في العالم وأفادوا العالم في جميع مجالات الحضارة الانسانية من مخترعات علمية الى نظريات ساهمت في تطور العلوم الى نهضة عمرانية، ولم يترك الكاتب اهم شيء ساهم فيه المسلمون وهو في مجال الاخلاقيات والتسامح الديني والأدب وحقوق الانسان والعدل والمساواة، ناهيك عن تطوير علوم الطب والفلك وتنظيم الجيوش، وتشجيع العلم والعلماء، وإحياء المدارس الفقهية التي تعتمد على فتح باب الاجتهاد ونبذ التقليد وغيرها.
كل ذلك سطره الكاتب مورغان بأسلوب قصصي جميل متنقلا بين العصور وبين الدول، الى درجة ان الرئيس الاميركي الأسبق قد أثنى على الكتاب وقال إنه احدى حلقات الوصل المفقودة في قصة العالم المترابط والذي يظهر الاثر الذي خلفته الحضارة الاسلامية وإنجازاتها عبر المشرق والمغرب.
ولعل أوجه العجب في هذا الكتاب هو ان كاتبه غربي غير مسلم لكنه تتبع التاريخ فوجد في هذه الامة المسلمة كنوزا عظيمة لا يمكن تجاوزها او التقليل من شأنها، قارن ذلك بما يكتبه ويسطره بعض أشباه المثقفين في بلداننا من بني جلدتنا والذين لا يرون في تاريخ المسلمين غير الخزي والعار ولا ينبشون إلا في الاحداث السيئة والعثرات ليضخموها من اجل إقناع الناس بتفاهة تاريخنا وعقيدتنا، كما ان الكاتب قد اثار إعجابي بحجم التجميع وحشد الأدلة والبراهين والسياق التاريخي ليعطي صورة ناصعة لتاريخ ضائع - كما قال - مما يندر ان تجد مثله في أي كتاب ألفه مسلمون.

طبعا فإن الكتاب لا يخلو من الاخطاء التاريخية او
الروايات الضعيفة، وهو ما نتوقعه من انسان غربي لا يتكلم العربية.
بغداد... أم الدنيا
تذكرت ما نقله مورغان عن بغداد في كتابه نقلا عن المؤرخ «أحمد اليعقوبي» وهو من علماء الجغرافيا يقول: «ذكرت بغداد لأنها وسط العراق والمدينة العظمى التي ليس لها نظير في مشارق الارض ومغاربها، سعة وكبرا وعمارة وكثرة مياه وصحة هواء، ولأنه يسكنها من اصناف الناس وأهل الامصار والكور، وانتقلوا اليها من جميع البلدان القاصية والدانية، وآثرها جميع اهل الآفاق على أوطانهم.
فليس عالم اعلم من عالمهم، ولا أروى من راويهم، ولا اجدل من متكلمهم، ولا اعرب من نحويهم، ولا اصح من قارئهم، ولا امهر من متطببهم، ولا ألطف من صانعهم، ولا أكتب من كاتبهم، ولا اعبد من عابدهم، ولا أفقه من حاكمهم، ولا أخطب من خطيبهم ولا أشعر من شاعرهم» فهل هذه بغداد اليوم؟!
* * الكتاب تمت ترجمته من مكتبة نهضة مصر وصدّر له جلالة الملك عبدالله الثاني عاهل الأردن.
د. وائل الحساوي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي