د. وائل الحساوي / نسمات / من قال إن الأمن من أولوياتنا!!

تصغير
تكبير
مازالت الكويت تعيش آثار صدمة حريق الجهراء، ولا تكاد تذهب الى مكان إلا وتجد الناس يتناقشون حول الموضوع ويروون لك تفاصيل التفاصيل حول الزوج والزوجة الأولى وظروف الحادث، ولا أدري من أين جاءوا بكل تلك التفاصيل، ولكن الحديث الأهم هو بعنوان «انتقام امرأة»، كما خصصت بعض القنوات دراسة متكاملة حول انتقام النساء عبر التاريخ.
ما أحببت ان أتكلم عنه اليوم - ما دامت الحديدة حامية - هو موضوع الامن والاستعدادات الامنية التي تمثل جانبا رئيسيا في الموضوع، فالأمن قد اصبح من اهم حاجات العصر، وتقوم الجامعات بتدريسه لطلبتها سواء ما يتعلق بالأمن الصناعي أو الأمن الشخصي أو أمن الدولة أو غيره، بل وتقدم فيه الدرجات العلمية المتخصصة، لكننا كشعوب دائما ما نضعه في آخر أولوياتنا ونهمل تطبيقه على جميع المستويات، وعندما يقع حادث تجدنا نتراكض لتشريع القوانين ووضع اللوائح الصارمة، ثم سريعا ما نهملها وننساها!
طبعا فإن عقد تجمع يضم مئات الناس، مثلما حدث في عرس الجهراء قد حسب الداعون له حساب الدعوات والأكل وكل شيء، لكنهم لم يراعوا أمن المدعوين من ناحية الخيمة الضيقة ذات المخرج الواحد والسريعة الاشتعال في موقع ضيق، كما لم يجدوا من المسؤولين في الدولة تنبيها لهم حول اجراءات الامن ولا عقوبات على مخالفة النظم، وهذا المشهد يمكن ان يتكرر مرارا وتكرارا في بقية الخيام التي يتم نصبها للانتخابات وللتجمعات وللأعراس، بل وحتى خيام البر المنتشرة على مد البصر.

دعونا نأتي لما هو أبسط من أمر الخيمة والعرس، لنرى كيف يتم تصميم البيوت الكبيرة بمدخل واحد ومن دون سلالم للطوارئ، كما تخلو من مواد اطفاء الحريق وجميع الاحتياطات الضرورية، بل شاهدنا في السنة الماضية كيف تم تخزين مواد سامة في سراديب البيوت السكنية والتي قتلت جميع افراد الأسرة، بل ادخل الى المطاعم لترى الإهمال الواضح في أماكن الطبخ وانتشار «الشيشة» في كثير من المطاعم لتهدد الجميع بكوارث كبيرة.
أما أكثر المباني الحكومية فيتوافر فيها اجهزة الانذار وإطفاء الحريق، لكنها تبقى سنوات طويلة دون صيانة بل قد يتم بناء تلك المباني بطريقة تساعد على انتقال النار أو الدخان بسهولة داخل المبنى أو قد يتم بناؤها من مواد سريعة الاشتعال، فكيف ونحن نرى إهمال الناس في تدخين السجائر في كل مكان ثم إلقاء أعقاب السجائر المشتعلة على الأرض؟!
حتى السيارات والتي هي سريعة الاشتعال قد تحركت ادارة المرور لإصدار لائحة تفرض وضع الطفايات فيها، ثم بقدرة قادر تم إلغاؤها أو وقف العمل فيها وكأنما هي ديكور خارجي للسيارة!
الكلام يطول والهموم كثيرة، ولكن أتمنى ان يستيقظ المسؤولون في البلد ليضعوا القضية الامنية على رأس أولوياتهم، ثم ان يشرعوا لها النظم والقوانين قبل ان تحدث فواجع أكبر مما حدث.
د. وائل الحساوي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي