No Script

جعفر رجب / تحت الحزام / لنفهم إيران (5 من 5) الحجتية من البهائية إلى الوهابية

تصغير
تكبير
اغلق الملف الايراني، بفتح ملف «الحجتية»، الموضوع يبدأ بالامام المهدي وينتهي عنده، في الفكر السياسي الشيعي لايعتبر الامام المهدي، كإمام وكفكرة، جزءا هامشيا من الفكر السياسي، بل يمثل احد اسس البناء السياسي والعقائدي، نتحدث هنا عن الامام المهدي، لانه طالما اشيع ان الرئيس احمدي نجاد يضع كرسيا فارغا في مجلسه للامام المهدي، ويضع صحنا فارغا عند الاكل للامام المهدي، وهذه اشاعة سخر منها نجاد نفسه، ولكن لايخفي لا احد ولا هو يخفي ذلك، ان فكرة الامام المهدي، وفكرة ظهور المهدي، مسيطرة على فكر احمدي نجاد، وقد يكون هذا راجعا لتأثره برموز الحجتية، ان لم يكن احدهم والعلم عند الله!
احمدي نجاد في رسالة تعيينه لصديقه ووالد زوجة ابنه «رحيمي مشائي» نائبا لرئيس الجمهورية، كتب له ما يلي «نحن في عصر الظهور- يقصد قرب ظهور المهدي- وانت عاشق امام الزمان ومؤمن به...» الموضع اذاً مرتبط بعقيدة اساسية في فكر احمدي نجاد!
نرجع للسؤال من هم«الحجتية»؟ والكلمة للتوضيح تشير الى الامام المهدي الذي يلقب بـ«الحجة» ايضا، «الحجتية» حركة دينية بدأت في خمسينات القرن الماضي، انشأها «آية الله الشيخ محمود الحلبي» في مشهد، بعد ان رفض علماء قم افكاره، حول هذا الموضوع!

بدأ«الحلبي» نشر ارائه بين الشباب البعيدين عن الحوزات، واستطاع خلال سنوات عديدة تشكيل اشبه بمحافل سرية، بحيث يصعب حتى الان معرفة ماهية المواضيع والارشادات، التي كانت تقال في تلك المحافل في تلك الفترة، وكيفية تنظيمها، وطريقة عملها، الا ان ماهو واضح ان اساس نشأة «الحجتية» كانت محاربة البهائية التي انتشرت في ايران في تلك الفترة، لذلك قام «الحلبي» واتباعه، بدور مهم في البحث عن اراء البهائية، وتوجهاتهم وافكارهم، وطريقة عملهم، وحتى تنظيمهم، ويقال انه تأثر بوسائل تنظيم البهائية، واستطاع ان يزرع بعض اتباعه في التنظيم البهائي!
اما الفكرة الثانية والتي اثارت جدلا، هي نظريته في ظهور الامام المهدي، وان ظهور الامام قريب بسبب الفساد، وكلما ازداد الفساد قرب ظهور الامام، ولذلك لم يكن لهم دور في الثورة ضد الشاه، ولم يتداولوا الشأن السياسي، بل ويزعم ان منظمة «فرقان» الدينية، التي قامت باغتيال قادة الثورة الاسلامية في ايران في بدايات الثورة هم انشقاق من الحجتية، بدعوى ان اقامة دولة اسلامية يعطل من ظهور الامام!
اذاً نحن امام نظريتين، نظرية تؤمن بان الحروب والفساد وانتشار الظلم يؤدي الى سرعة ظهور الامام المهدي، وهو مشابه باتباع «الارامجيدون» عند المسيحين واليهود، الذين يؤمنون بان الظلم يؤدي الى خروج الدجال والمسيح ونهاية العالم...في مقابل نظرية الامام الخميني، الذي آمن بان تهيئة الاوضاع لخروج المهدي، يتم من خلال انشاء دولة اسلامية، تشكل لبنة الدولة الاسلامية العادلة بقيادة المهدي!
وهذا الجدال هو الذي ادى بالامام الخميني الى اعتبار الحجتية توجه رجعي، وأمر بمنع نشاطاتهم، بل قام «الحلبي» بنفسه باعلان وقف نشاطاته، وقد توقف نشاطهم الى وفاة الامام الخميني، ويقول البعض ان نشاطاتهم استمرت بصور ومسميات مختلفة، ولا يخفي البعض خوفه، من وصلوهم الى مناصب حساسة في الدولة بفضل تنظيمهم السري الذي استمر رغم المنع، خاصة وان اغلب قادة الثورة الايرانية، شاركوا في تنظيم الحجتية في شبابهم بصورة او باخرى، لانه كان التنظيم الاسلامي الوحيد المنظم، ويحمل افكارا خارج المؤسسة التقليدية، وهذا امر طبيعي وليس مستغربا، فمثلهم ان اغلب قادة حزب الله اللبناني الحاليين كانوا ضمن حزب الدعوة مثلا، او المجلس الاعلى العراقي الذي كان اغلب قادته ايضا من ضمن الاحزاب العراقية الاسلامية، وهذا الحال ينطبق ايضا على التوجهات الاسلامية الشيعية في الكويت، حيث ان اغلب افرادها انتقلوا من توجه الى توجه وهذا «التنقل» من جانب «اسلامي» من جانب «اسلامي» آخر، طبيعي في الحراك السياسي، وعند التغيرات المفصلية، - كالثورة الاسلامية في ايران-والتي اثرت بدورها على الحركات الاسلامية- خاصة الشيعية- خارجها!
الحجتية بصورة عامة «الحجتية» يؤمنون ومازالوا بان القتل والدمار والحروب سبيل للظهور، وفقا لعلامات الظهور الموجودة في النصوص، ولا استبعد ان يتأثر بعض المحافظين ويتخذون قراراتهم وفقا لعلامات الظهور!
لا اريد ان احول الموضوع الى اشبه برواية «دافنشني كود»، ولا اريد ان اكون ممن يعيشون فوبيا المؤامرة، وان مايحصل مؤامرة «حجتية» لتوجيه الثورة لدخولها في صراعات وحروب للتعجيل بالظهور، ولكن بعض مما يثار هنا وهناك يثير الكثير من الشكوك، في مدى تأثير افكارهم على الاقل على القادة في ايران في السنوات الاخيرة!
ما كتبته مجرد اضاءات، وفقا لبعض المصادر التي اخالها صحيحة، فقط لنعرف بعض ما يجري هناك على بعد امتار خلف ظهورنا، ومحاولة لكشف ما تحت هذه السجادة الفارسية...!
جعفر رجب
jjaaffar@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي