No Script

محمد الوشيحي / آمال / «أبو بزمة... جنان»

تصغير
تكبير

أثناء تواجدنا في إحدى الدول، اتصلت بصاحبي: بعد نصف ساعة سأمر عليك في غرفتك لنخرج. فسألني ببراءة: هل أرتدي لباسا للعشاء أم لباسا لـ «كوفي شوب»؟ فأجبته بغضب: «البس لباسا لعصير برتقال فريش، وأنا سألبس لباس قهوة تركية سادة... لعنة الله على هَبَلك».

كنت مخطئا في ردي عليه... بالفعل، العشاء والسهرة في فندق فاخر تتطلب ملابس معينة، تختلف عن ملابس «الكوفي شوب» أو الحديقة. لكن جوابي الغاضب كان بسبب عدم ثقتي في عقليات الأثرياء! فالثراء «يلحس» المخ، كما أثبتت لي التجارب، وهو ثري، شفاه الله! ثم أنه في الكويت يرتدي «بزمة». وهذا أمر يضع عقليته عندي في موضع شك.

*   *   *

جمعية الهلال الأحمر الكويتية عملت زفة ومولد بعدما تبرعت لأطفال فلسطين بهدايا وكسوة للعيد! «أبناء حاتم الطائي» في الجمعية تناسوا ضعفاء البدون القريبين منهم وأرسلوا الأموال إلى مشارق الأرض ومغاربها. وحيثما تتواجد الكاميرات والفلاشات والتصريحات الصحافية يتواجدون... بالتأكيد يستحق أطفال فلسطين الدعم، لكن هؤلاء الأطفال الفلسطينيين تحت مجهر غالبية الدول: السعودية، الإمارات، قطر، عمان، البحرين وغيرها، بينما لن تتبرع أيّ من هذه الدول لأطفال البدون الموجودين في دولة تعاني من ثراء «فوّار»... وبالتأكيد، أيضا، نحن لا نعارض تبرع جمعياتنا لأطفال فلسطين، لكن ليس قبل سداد حاجة البدون في الكويت. فالأقربون أولى بالمعروف.

وكنت قد عتبت على قيادي كبير في إحدى الجمعيات «الشرّية»، وحمّلته وزملاءه مسؤولية الطفل البدون الذي شاهدناه في الصورة التي اعتلت مقال: «اسمه احمد... عنوانه الكويت» للزميل رئيس التحرير الأستاذ جاسم بودي. فردّ عليّ القيادي بعدما عدّل «نسفة» غترته التي رشّها بمنجم كامل من مادة «النشا» فتحولت إلى مظلة «كيربي» تغريك للوقوف بسيارتك تحتها، وبعدما كشف عن قميصه من تحت الدشداشة ليبرز «البزمة» والساعة «الرولكس»: هو في الحقيقة والواقع يا أخ محمد، بالنسبة للتبرعات لأطفال فلسطين، هي واجب إنساني... / قاطعته: والتبرع للبدون، واجب حيواني أم نباتي؟ أجبني لو سمحت من غير «في الحقيقة والواقع» / فاعتدل في جلسته وبدأ بطقطقة أصابعه، وقال: في الحقيقة والواقع نحن عملنا دراسات، والأمر معقد، ليس كما تظن... / فصرخت: في الحقيقة والواقع أنتم «خربط بربط» / عفوا أخ محمد / أقول، أنتم أيها الأفاضل عبارة عن جملة من مبتدأ وخبر: «خربط... بربط»، وبإمكانك أن تضع هذه الجملة في صيغة حال لتصبح «خربطاً بربطاً»، وفي حالة المثنى المذكر، «خربطانُ بربطانُ»، وقس على ذلك! لم أترك له فرصة للتعقيب، بل أكملت: أيضا، في الحقيقة والواقع، أنا منذ أن رأيت بزمتك المباركة، أرسلت رسالة لـ «ثلاث سبعات».


محمد الوشيحي

alwashi7i@yahoo.com   

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي