ملاحظتان لا يكاد الانسان يتغافل عنهما عندما تطئ قدمه أرض إمارة دبي بعد غياب سنتين: الاولى هي ان زحمة السيارات التي كانت تكبل شوارع دبي قد انخفضت الى درجة كبيرة والثانية هي ان اكثر من نصف المشاريع العمرانية التي تعد بالمئات متوقفة وقد تحولت تلك المشاريع الى شبه أطلال.
لاشك ان الازمة الاقتصادية العالمية قد ضربت دبي بقوة حتى أوجعتها، ولا يمكن مقارنة ذلك بأي بلد في العالم، ونشبه ذلك بسيارة تسير بأقصى سرعتها ثم تصطدم بجدار، فقد كانت سرعة دبي في العمران ضربا من الخيال، وكانت حلما على وشك التحقق.
بالرغم من تلك الازمة القاسية إلا ان المشاريع الحيوية المهمة التي وعدت بها حكومة دبي قد سارت نحو التنفيذ، فالقطار المعلق (المونريل) قد انتهى تقريبا في موعده عام 2009 وهو انجاز رائع يذكرنا بالمونريل الكويتي الذي استمتعنا بمشاهدته على الورق، والفنادق في دبي التي تفوق أعداد النمل ممتلئة بالسياح مع تخفيض بسيط في اسعارها، ومشروع المطار الجديد الذي أنفقت عليه دبي 4.6 مليار في طريقه الى التنفيذ، ومشروع النخلة وفندق أتلانتس الاسطوري قد اكتمل وتم افتتاحه، والمجمعات التجارية تتزايد كل يوم.
أنا لست محللا اقتصاديا ولكني اشعر من مشاهداتي بأن الازمة المالية التي ضربت دبي - كما هي بقية بلدان العالم - لم تستطع ان تكسر عزم قادتها عن تنفيذ رؤيتهم، لكنها قد تجبرهم على تعديل بعض مساراتهم.
تعجبت من تعليقات بعض الصحف البريطانية وتهويلها لأزمة دبي المالية مثل صحيفة «التايمز» التي ذكرت بأن الاجانب يتركون سياراتهم في المطار ويهربون، وان ثلاثة آلاف سيارة مركونة في المطار هرب عنها اصحابها، فهذا محض افتراء ولا يوجد مثل هذا العدد ولا اقل منه بكثير، أما صحيفة «الاندبندنت» فتصف دبي بالفقاعة التي انفجرت على ارض ساخنة، وان دبي أنشئت على لا شيء وأقيمت في عقود متوحشة على بطاقات الائتمان والاضطهاد والعبودية وتدمير البيئة، وانها مدينة بناها الرقيق.
فهل رأيتم حجم الحسد والحقد الذي يتبارى البعض في التعبير عنه عند كل هزة يتعرض لها بلد مسلم؟!
نصيحتنا لحكام دبي ماداموا في طور تقييم تجربتهم بأن يهتموا اكثر باستقطاب المسلمين من السياح او ملاك العقارات او العمالة، وان يسعوا الى التخلص من المظاهر التي تتنافى مع ديننا وتراثنا حتى وان ضحوا بكثير من السياح الاجانب، وليعلموا بأن إرضاء الله تعالى هو الاساس في بناء الحضارات والامم، وليكملوا مسيرتهم في الاهتمام بالعلم وتأسيس الجامعات والمعاهد العلمية وفي تشجيع الأدب والشعر، فبهذا يستقطبون ملايين البشر الذين لا يتركون ديارهم من اجل المباحات الموجودة عندهم ولكن من اجل الاطلاع والاستفادة من الثقافات والتراث وبناء جسور التعاون مع العالم الاسلامي.
د. وائل الحساوي
[email protected]