تركي العازمي / الحكومة والرجوع إلى الخلف

تصغير
تكبير
إن أمر البلد غريب جداً وكلما تلقيت معلومة تزداد المعرفة وتكبر النافذة لنتمكن من مشاهدة الفجوة بين ما نراه في العلن وما هو مطبق «من تحت لتحت»... وكلنا نسمع بعبارة «إما بشيمة وإلا بقيمة» لكن يعلم الله انني لم أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحد... وفوق هذا يقولون الفصل بين السلطات!
قبل أيام التقيت أحبة لي من رجال السياسيين، ومن لهم روابط اجتماعية قوية في إحدى العواصم الأوروبية ومن بينهم نواب سابقون وحاليون وكان «البساط أحمدي» كما يقولون، وتطرقنا إلى معظم الأمور التي تخص البلد واقتصادها وأمنها وخطة العمل الإنشائية على حد تعبير بعض النواب!
طرحت عليهم جانبين مهمين يدرسون للقادة الفعليين وليس «ربعنا» الذين ألهتهم السياسة، وربط «العصاعص» لأكبرها وأسمنها، ورفعوا شأن من لا قيمة ولا وزن اجتماعياً له، وفي قديم الزمان «لا يساق عليهم الفنجان»!

إنهما خاصيتا الفكر العاكس وفكر التغيير لأن العلاقة بين الإصلاح المبتغى والفساد المستشري تحتاج إليهما على أرض الواقع كي تطبقها الأغلبية المركونة، والتي تعتبر بالنسبة لهم أشبه بجمهور الكرة يشجع ولا دخل له في اللاعبين ولا بخطة اللعب ولا التحكيم ولا حتى الملعب كذلك... ونحن نذكر أن الجماهير الأجنبية عندما تشتد حال غضبهم من المباراة ينزلون و«هات تكسير وتخريب وضرب».
تقول خاصية الفكر العاكس إن القادة الناجحين يجب عليهم الجلوس «على رواقة» ومراجعة ما حدث والاستدراك والتفكر بما هو مطلوب أن يحصل قبل المضي تجاه الخطوة المقبلة واتخاذ القرار، وهذا الأمر غير موجود على الإطلاق ولم يستثن الحاضرون أي أحد، أما خاصية فكر التغيير فهي من الاسم معروفة وأجمع الحضور أن أي تغيير يحصل لم يضع في الاعتبار دراسة ومعالجة أساس المشاكل التي نعاني منها.
وانتقل النقاش إلى النقطة الحساسة وهي: كيف نختار نواباً صالحين، ووزراء وقياديين يحملون في فكرهم ملامح من تلك الخاصيتين؟
طبعاً الجواب صعبت الإجابة عنه لأن الأساس في الثقافة الحالية لقاعدة الناخبين غير مكتملة الأركان، ولا نستطيع كناشطين سياسيين أن نحمل حقائب سوداء أو هبات نقدمها للبعض ممن تؤثر فيهم الخدمات والمغريات... ولكن الأمل بالله كبير، والعجلة تتحرك بفضل المجاميع العاملة حالياً وأرقامها المتزايدة وقد يحصل على يدها التغيير بإذن الواحد الأحد... وعسى يكفوا عنا شرهم!
ألم يتعظ البعض من انتخابات 2008 و2009 ويشاهدوا ما حصل ويراجعوه بأنفسهم، لمصلحة من هذا الاستخفاف بعقول شباب مستنير الفكر لين السلوك ولا يحمل في نفسه شوائب؟
هل يريدوننا بالتفكير البائد نفسه، ماذا يريدون... بصامة، نصف بصامة، انبطاحيين، معارضين، أو ماذا بالضبط؟
هذه تساؤلات المجموعة الطيبة ونحن نرد: شدة وتعدي، ولو يخففون من سحب الفلوس ولعب المناقصات يكون أحسن لأن الأمور باتت مكشوفة مكشوفة!
وهل لنا من خيار وطني يحمي الحاضر ويوفر مستقبلا زاهرا؟
مما تقدم، يطول الحديث وكان هنالك إجماع بأن الحرية التي أقرها المشرع ستبقى وستتكون المجاميع لتوعية خلق الله المستضعفين محاولة إيجاد توازن بين سلطة القانون والاحتكام للشريعة وبينهما الحرية والعدالة والمساواة.
صحيح أن التمدن فيه مرونة على خلاف الفكر البدوي المتشدد ولو أن الفكر المعاصر الذي أظهر جيلاً جديداً فاهم اللعبة صح قد ساعد في تخفيف تشددها، تظل الحرية في الاختيار حرة لا تشترى بمال ولكنها تأثرت بالخدمات المقدمة حتى وان كانت بسيطة. إن الحرية نسمع عنها ونقرأ ما قيل عنها في وقت يتم التطبيق عند «الجماعة» على المشتهى وهو دليل على سذاجة وسطحية من يطبقها فدولة القانون لا تجد لشوائب الأنفس مدخلاً فيها.
والثابت أن البلد فيه رجال أصحاب مواقف لا يعجبهم ما يحصل، والمقبل من الأيام والأعوام سيكشف معادن الرجال حينما تتغير المفاهيم بفضل خروج شباب واع مدرك للمسؤولية الوطنية والعمل البناء... وان المال والثراء لا يشكلان أهمية للأقليات التي ستتحول إلى أغلبية ساحقة تقف في وجه الفساد المعنوي الذي يعتبر أخطر أنواع الفساد لأنه المحرك للقرار في الاختيار بمختلف مواقعه وأشكاله، وراجعوا بعض أسئلة النواب لتعلموا إلى أي حد بلغ الفساد ... والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي