د. وائل الحساوي / نسمات / إلى متى يسيل لعابنا للمال العام؟

تصغير
تكبير
ما ذكرته جريدة «الراي» عن مناقصات في وزارة النفط بالمليارات ارسيت دون ان تمر عبر لجنة المناقصات المركزية يثير في نفوسنا كثيرا من الاسئلة التي لا نجد لها اجابات مقنعة حول تصرف حكومتنا في اموال الشعب، وبالطبع فإننا لا نستطيع اتهام القائمين على القطاع النفطي بالاختلاس من وراء تلك الصفقات دون ان يكون لدينا دليل قطعي، لكن يبقى السؤال الملح: لماذا يتكشف لنا يوميا وجوها لصرف الاموال بعيدا عن المراقبة والمحاسبة على الرغم من وجود نظام رقابي لدينا ليس له مثيل في معظم دول العالم؟
لدينا لجنة مناقصات يقوم عليها كفاءات مشهود لهم بالنزاهة وقانون يحتم عرض المناقصات التي تزيد على خمسة ملايين دينار عليها، ولدينا ديوان محاسبة فيه كثير من الكفاءات ولا يترك شاردة او واردة إلا ودقق في اوجه صرفها، ولدينا مجلس امة مفتوح العينين على كل ما يدور في البلد ولديه اداة محاسبية لا مثيل لها وشهية للاستجوابات لا يضاهيها مجلس في العالم، ولدينا محاسبة سابقة ولاحقة وتدقيق مالي في كل وزارة، ثم ماذا؟ نسمع كل يوم عن صفقات تحت الطاولة وتعدٍ على المال العام! ومشاريع بالمليارات من الدنانير تدار كما تدار عجلة الروليت في مدينة «لاس فيغاس»!
استطيع القول بأن مشكلتنا الاساسية في النفوس وليست في الفلوس، وان اختيارنا للقيادات على جميع المستويات غالبا ما يكون اختيارا خاطئا مبنيا على سياسة «هذا ولدنا» وليت ولدنا كان ولدا صالحا أمينا ولكن كثيرا من اولادنا (من المسؤولين في الدولة) مفرطون في المال العام، غير مبالين بالمحاسبة او الفضائح على صفحات الجرائد.

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في وصف داء الامة الإسلامية الحقيقي «فتنة امتي المال» ويقول «وفتنة بني اسرائيل كانت في النساء».
فإذا اجتمعت تلك الفتنة مع ضعف الدور الرقابي العقابي في البلد واجتمع معهما اموال كثيرة يسيل لها لعاب اكبر المخلصين والمتدينين تحدث لدينا هستيريا عظيمة يصعب معها السيطرة على شؤون البلد.
عندما عرضت الصحف الكويتية بالامس على الصفحات الاولى صورة حرامي الذهب الذي سرق ذهبا بقيمة ربع مليون دينار واعتبرته حدثا ارهابيا كبيرا، قلت في نفسي: هل نطمع ان نرى كذلك صورة احد المسؤولين الذين يسرقون الملايين على صفحات الجرائد ليكون عبرة لغيره؟ ولماذا لم نسمع عن حكم قضائي على جناة وحرامية كبار كويتيين إلا عبر محكمة بريطانية في قضية ناقلات النفط؟!
قصة من كويت الماضي
يحدثني والدي حفظه الله بأن الشيخ عبدالله الاحمد - رحمه الله - كان شديدا في الحق، وكان رجل من جلسائه يجلس كل يوم في ديوانه وبجانبه، فأتاه رجل فقير يشتكي من ان هذا الجليس قد اغتصب امواله فقال له: انتظر، وعندما حضر الجليس واخذ مقعده عند الشيخ الاحمد رفسه برجله وقال له: قم لا تجلس عندي ثم قال لخدمه: اذهبوا معه إلى بيته فأحضروا اموال الرجل المغتصبة منه، وان لم تجدوا عنده شيئا، فخذوا غنمه إلى السوق وبيعوها ثم اعطوا الرجل حقه.
د. وائل الحساوي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي