قبل عامين تقريباً، حسبما أذكر، طلب مني ابني الأكبر أن أراجع معه مادة العلوم للصف السادس، وبالفعل شرعت في التدريس وشرح بعض المواضيع له، وفي الحقيقة كان المنهج رائعاً ومتوازناً من الناحية النظرية والعملية، فمقابل كل فكرة نظرية تم تصميم تجربة عملية بسيطة وسهلة تتيح للطالب التعرف على تطبيق ما تعلمه ورؤيته على أرض الواقع بشكل أوضح، مما يسهم في تثبيت المعلومة. إلى الآن تبدو الأمور مشجعة، ولكن!
كلما سألت ابني: هل طبقتم هذه التجربة؟ يقول لي لا! طيب هذي التجربة؟ تكون إجابته بعد هز رأسه: لا، لا، لا! وهذي يا ولدي؟ يقول بأسف: «يبا» ما طبقنا ولا تجربة!
المنهج مصمم بشكل جذاب، وطريقة رائعة، ألوان ومربعات وصور وتجارب سهلة بسيطة لا تحتاج معها أن ينقل المعلم طلبته إلى المختبر لإجرائها، والمشكلة أن التلميذ مطالب أن يحفظ التجربة ونتائجها، وما توصل بتطبيقها من ملاحظات كما شرحها المدرس، لا كما رآها في الواقع العملي!
المشكلة، حسب ظني، ليست مشكلة مناهج، فنحن نملك مناهج أعتقد أنها رائعة، وهذا لا يمنع مراجعتها وتطويرها بين فينة وأخرى، ولكن المشكلة تكمن في بعض المعلمين الذين لم يفهموا بعد أن مهنتهم تعتبر من أجل المهن، وأنا هنا لم أطالبهم بتحضير مادة خارج المناهج ولكن الالتزام بها حرفياً على الأقل!
أعلم أن البعض من موجهي العموم ومن تحتهم من الموجهين الفنيين لتلك المادة وغيرها من المواد سوف يقولون ما دليلك على هذه الواقعة؟ وردي عليهم أنْ لا دليل لدي غير كلام ابني الذي لم يغب عن الدراسة إلا ما ندر، علماً بأنه من المتفوقين في فصله.
المهم أن مثل تلك الممارسات تكرر على كل المستويات... فلدينا دستور رائع ينظم عمل السلطات الثلاث ولكن عند تطبيق نصوصه على أرض الواقع، وخصوصاً المادة (100 و101)، تجد الكثير ممن أوكلت إليهم مهمة تنفيذه أول المطالبين بتفريغه من محتواه، والتعلل بأسباب أوهن من بيت العنكبوت. ألم أقل لكم أن المناهج جزء من المشكلة!
في الأفق
حكمة فارسية: إذا كان الرأي عند من لا يُقبَل منه، والسلاح عند من لا يستخدمه، والمال عند من لا ينفقه، ضاعت الأمور!
د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
[email protected]