رحمة محمد علي أمان /ما هي الشوفينية؟

تصغير
تكبير

«الشوفينية» مصطلح مشتق من اسم جندي فرنسي هو نيكولاس شوفان، والذي كان معروفا بولائه المتعصب لنابليون، ومن ثم فإن المصطلح استخدم في الأصل بمعنى ضيق، فكان المقصود به التبعية المطلقة لنابليون على وجه التحديد، ولكنه في مرحلة لاحقة أصبح يطلق على أي متعصب أعمى متطرف للزعيم أو الوطن، وعادة ما يطلق المفكرون السياسيون صفه الشوفينية على تعصب الفرد لوطنه عندما يكون هذا التعصب مصحوبا في ذات الوقت بكراهية شديدة للدول الأخرى، وبرفض تام لمواطني أي دولة أخرى متواجدين في وطنه، يعتبرهم أغراب تماما وكأنهم ينتمون إلى كوكب آخر ، ويؤكد علماء النفس السياسي أن «الشوفينية» هي نوع من التكتيك الدفاعي يلجأ إليه الفرد غير المؤهل نفسيا لأن يقيم علاقات سوية متكافئة مع الآخرين بصفة عامة، أو مع جماعة محددة منهم، ومن ثم فهو يخفي عدم قدرته على التفاعل والإندماج وراء ادعاءات بالكراهية للآخرين بشكل عام، أو لأعضاء جماعة محددة، وذلك حتى يحمي عجزه من الافتضاح، فهو يقنع نفسه أن العالم بناء قائم ومؤسس على علاقات غير متساوية لا يمكن تجاهلها أو تغييرها، وبذلك يخدر قلقه وخوفه من التعامل مع الآخرين عبر التأكيد الدائم لنفسه أنه لا يعاني من أي نقص، ولكن العلاقات المتكافأة هي شيئ مستحيل بالطبيعة. ومن ثم يرى كثير من المنظرين السياسيين أن العديد من الأشكال العنصرية هي أيضا أشكال للشوفينية، ويؤكد هؤلاء على وجهة نظرهم قائلين ان «الشوفينية» عادة ما توجد بين طبقات المجتمع التي يمثل الأجانب تهديدا آنيا لمصالحها، فيكون صراع المصالح هو السبب المباشر في ظهور مشاعر الشوفينية بين المواطنين، وضد غيرهم، وأبرز مثال يسوقونه على ذلك هو كراهية الطبقة العاملة، في مجتمع يتسم بندرة الموارد ومن ثم بندرة فرص العمل، لمجموعات المهاجرين الذين يمثلون منافسون خطرون على فرص العمل النادرة، ومن ثم تصل هذه الكراهية للأجانب إلى حد العنف لنجد أنفسنا أمام ظاهرة الشوفينية، وبالتالي فإن مشاعر الشوفينية عادة ما تنعدم في المجتمع نفسه بين الطبقات التي لا يمثل لها الأجانب تهديداُ آنياً لمصالحها.

 ولقد اتسعت دائرة استخدام هذا المصطلح أخيراً لينتقل من ميدان السياسة إلى ميدان علم الاجتماع، فأصبح يستخدم للدلالة على أي توجه تعصبي يتغنى بفضائل جماعة معينة و يحط من قدر جماعة أخرى، وأبرز مثال على هذا اطلاق الحركات النسائية تهمة «الشوفينية» على الرجال الذين لا يؤمنون بالمساواة بين الرجل والمرأة.


رحمة محمد علي أمان


طالبة في قسم العلوم السياسية - جامعة الكويت

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي