يعيش المسلمون في الغرب تحدياً للحفاظ على الدين والهوية، فهم وإن وجدوا لقمة العيش سائغة هانئة واستقروا في بيئة تحترم الإنسان، إلا أنهم يعانون ما يعانون من مسألة تعليم أبنائهم اللغة العربية، وتحفيظهم القرآن، وترسيخ الثقافة الإسلامية في وجدانهم.
تجولت أثناء زيارتي لنيويورك في مقاطعة بروكلين وكوينز، ورأيت هناك تجمعات سكانية تدل على قاطنيها، فهناك الحي الصيني، والحي اليهودي، وذلك حي خاص بالعرب والمسلمين، وعندما تدخل تلك الأحياء فمن السهل جداً عليك أن تتعرف على جنسية غالبية سكانها، وإلى أي ثقافة ينتمون من لوحات المحلات والمطاعم.
تشرفت هناك بزيارة مركز إسلامي يحتوي على مسجد، وقاعات لتحفيظ القرآن، وقاعات لتدريس اللغة العربية، ونشر الثقافة الإسلامية بين أبناء الجالية العربية والمسلمة، وقد بلغ عددهم حالياً أكثر من (450) طالباً، حفظ بعضهم القرآن كاملاً، ما شاء الله، ولا يزال بعضهم في طريقه إلى ذلك.
الغريب في الأمر أن ذلك المركز، وخاصة القاعة الكبرى في الدور العلوي منه كانت صالة ديسكو! استطاع الشباب المسلم أن يحولوها إلى أرض يعبد فيها الله، وقسموها إلى قاعات يذكر فيها القرآن، ويتعلم فيها أبناؤهم أبجديات اللغة العربية والثقافة الإسلامية.
تلك الجهود في الحفاظ على الهوية ونشر الإسلام تحتاج بالتأكيد إلى دعم وتشجيع الأيادي الخيرة من أبناء وطني وهم كثر ولله الحمد والفضل والمنة، كيف لا وقد تحملت دولة الكويت ثلثي تكاليف إنشاء المركز الثقافي الإسلامي لمدينة نيويورك ليكون صرحاً شاهداً على معدن وأصالة أبناء وطني، وحالياً يعكف القائمون عليه في مندوبيتنا في الأمم المتحدة على افتتاح مدرسة إسلامية بجانبه وفق أحدث النظم التعليمية المتبعة في أميركا.
الرائع هناك أنك عندما تدخل أي مركز إسلامي، أو مسجد، تشعر بروح الأخوة الإسلامية بين جميع المسلمين، وتلحظ الترابط الذي حث عليه ديننا الحنيف، وهو ما لا تجده لدينا حالياً، للأسف، في البلد الواحد، بل التناحر والفرقة بين أبناء المذهب الواحد، والوطن الواحد!
في الأفق:
وإنما المرء حديث بعده
فكن حديثاً حسناً لمن وعى
د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
www.alsuraikh.net