ليس من السهولة تصور ما ستؤول اليه العلاقة المستقبلية بين المسلمين وغيرهم في المناطق التي تقطنها أقليات مسلمة، والواضح هو ان تلك العلاقة تتجه الى التأزيم المتصاعد وتعكر الجو بين المسلمين وبقية السكان، وأمامي مثالان قائمان اليوم فيما يجري في الصين من اضطرابات دموية بين المسلمين من طائفة «الايغور» وبقية السكان من طائفة (هان) التي تمثل 90 في المئة من الصينيين، اما المثال الآخر فهو للمصرية (مروة الشربيني) التي قتلها الماني من اصل روسي في المانيا، وهي حالات وصلت فيها العلاقة الى حد القتل وسفك الدماء.
اما مسلمو الصين «الايغور» فيقطنون في اقليم (شنغيانغ) الصيني ذي الغالبية المسلمة، ويبلغ تعداد المسلمين في الصين اكثر من خمسين مليونا، لكنهم وقعوا ضحية القمع والعنف الذي تمارسه ضدهم السلطات الصينية واحتلال بلادهم منذ القدم، ومن منا لم يسمع بمأساة تركستان الشرقية والمجازر التي قامت بها السلطات الصينية ضدهم، وقد تعاملت السلطات الصينية بدهاء ضد قضيتهم بأن استخدمت سلاح التهجير للصينيين داخل اقليمهم لكي تقلل نسبتهم، حيث وصل عدد الصينيين في منطقة (أرومكي) داخل الاقليم اكثر من 70 في المئة من عدد السكان، وهي المنطقة التي وقعت فيها الاحداث.
وما ان طالب المسلمون بنيل حقوقهم حتى هاجمهم الصينيون بالتعاون مع رجال الشرطة الصينيين مستخدمين العصي والهراوات وغيرها وقتلوا وجرحوا منهم المئات، واتهمت السلطات الصينية المؤتمر العالمي للايغور بأنه حرّض على العصيان واتهم رئيسته (ربيعة قدير) التي هربت الى الولايات المتحدة بعد سجن عشر سنوات في السجون الصينية بأنها هي المحرضة الرئيسية للاضطرابات.
اما اعجب ما سمعته من تبريرات من الحكومة الصينية لقمع الاضطرابات بالقوة فهو اتهامها لتنظيم القاعدة بأنه يقف وراءها!!
وماذا عن مروة؟!
اما قصة مقتل الصيدلانية مروة الشربيني في ألمانيا فهي اغرب من الخيال، وهي ضحية لبس الحجاب الذي بدأت اعداد كبيرة في الدول الغربية تعتبره دلالة تحد لحضارتهم ومظهرا يثير الاشمئزاز ويبعث على التحدي لقيمهم وحضارتهم، ولئن كانت مروة قد استخدمت حقها في رفع قضية على من شتمها واستهزأ بحجابها، ثم جاءت القوانين العادلة لتنصفها، لكن قوانين العنصرية والتعصب أبت إلا ان توجه لها 18 طعنة مميتة بالسكين، ولما قام زوجها بالدفاع عنها تفجرت العنصرية على أشدها من ضابط كان يقف خارج المحكمة ولايحمل سلاحا، فما كان منه إلا ان اخذ السلاح من ضابط آخر ليطلق الرصاص على الزوج (رواية شبيغل اون لاين الألمانية).
وطرحت في هذا الصدد اسئلة كثيرة: كيف ادخل الألماني السكين الى المحكمة، ولماذا قام الضابط باطلاق النار على زوج مروة وليس المجرم الحقيقي، ولماذا تجاهل الاعلام الألماني تلك الحادثة التي هزت العالم الاسلامي؟!
لا نجد جوابا عن جميع اسئلتنا إلا بالقول ان العنصرية البغيضة تضرب اطنابها في العالم وتتشكل بأشكال مختلفة، والمسلمون من اكبر ضحاياها سواء أكانت فتاة محجبة او سافرة - مادامت مسلمة، وسواء أكان شابا ملتزما بالدين ام متحررا - مادام مسلما - فهل تحققت نبوءة صاموئيل هاننغتن بصدام الحضارات؟!
د. وائل الحساوي
[email protected]