عمار تقي / ماذا قدم ناصر الخرافي للكويت؟

تصغير
تكبير
هذا السؤال طرحه النائب الفاضل مسلم البراك على السيد ناصر الخرافي في سياق السجال الإعلامي بين الاثنين على خلفية بعض الأحداث السياسية التي شهدتها الساحة المحلية أخيرا.
لست هنا في وارد الدخول في هذا السجال القائم بين البراك والخرافي، كما أنني لست في وارد الدفاع عن السيد ناصر الخرافي، فالرجل يمتلك من المؤسسات والأدوات الإعلامية التي تجعله ليس بحاجه إلى مقال من هنا أو إلى بضعة أسطر من هناك! صحيح أن الكثير من القضايا والمواضيع والأحداث تستحق التوقف عندها في هذا السجال الدائر، لكن ما استوقفني في هذا التراشق الإعلامي والذي وجدت من الضروري التوقف عنده إنصافاً للتاريخ، هو ما يتعلق بالسؤال الذي طرحه النائب البراك على السيد الخرافي عندما قال البراك: ماذا قدم ناصر الخرافي للكويت؟ نعم ماذا قدم ناصر الخرافي للكويت؟ سؤال مشروع خصوصاً إذا كان متعلقاً بشخصية بحجم ناصر الخرافي! لكني لن أتحدث في هذا المقال عن ماذا قدم ناصر الخرافي للكويت من أعمال تجارية واقتصادية، فليس هذا شأني ولا مجالي، لكن ما سأتوقف عنده اليوم هو ماذا قدم ناصر الخرافي للكويت «سياسياً» خصوصاً بعد سلسلة المواقف المشرفة التي اتخذها خلال الفترة الأخيرة، والتي لا يزال صداها يعم سماء الأمتين العربية والإسلامية!
البعض، و«لغرض في نفس يعقوب» أو بسبب «سذاجة سياسية» إذا ما أردنا أن نحسن الظن، حاول الغمز واللمز والطعن والتشكيك في الأسباب والدوافع التي جعلت السيد ناصر الخرافي يتخذ تلك المواقف المشرفة والمشرقة، سواء بالادعاء أن منبع تلك المواقف ليست سوى طمع في صفقة هنا أو في مناقصة هناك. لكن بعيداً عن تلك «الادعاءات»، لا يستطيع أي إنسان «منصف» أن ينكر بأن السيد ناصر الخرافي قد أعطى مفهوماً جديداً للساسة ولرجال الأعمال العرب والكويتيين بشكل خاص.

ففي صيف العام 2006، عندما شنت القوات الإسرائيلية، المدعومة من الإدارة الأميركية المنصرمة عدوانها السافر على لبنان، والذي أسفر عن هزيمة إسرائيلية وأميركية كبرى بعد الانتصار التاريخي والأسطوري الذي حققته المقاومة الإسلامية الباسلة. في تلك الأيام، وبعد أن اشتدت ضراوة المعركة، وبعد الدعم اللا محدود الذي قدمته الولايات المتحدة على الصعيدين السياسي والعسكري لإسرائيل، قام السيد ناصر الخرافي بنشر إعلان مدفوع الثمن في عدد من الصحف الأميركية البارزة كـ«النيويورك تايمز» و«الإنترناشيونال هيرالد تربيون»، شن من خلاله هجوماً لاذعاً على الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش وعلى الموقف الأميركي الداعم للعدوان الإسرائيلي على لبنان والذي وصفه بـ «الفاشي»، وأبدى من خلاله تأييده ودعمه لموقف المقاومة الإسلامية اللبنانية! نعم، لا ننكر بأن الكثيرين قد أدانوا العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان في 2006 وقد خرج العديد من أبناء الشعب الكويتي داعماً ومناصراً للمقاومة الإسلامية آنذاك، لكن ما قام به السيد الخرافي كان بلا شك خطوة متقدمة وجريئة باقتحامه كبريات الصحف الغربية ونشره إعلاناً مدفوع الثمن ووصفه للموقف الأميركي الداعم لإسرائيل بالموقف الفاشي! ولك أن تتصور ماذا يعني أن تصف شخصية «كويتية» معروفة الموقف الأميركي بالفاشي، ولا داعي بأن أفصح أكثر فـ «اللبيب بالإشارة يفهم»!
الموقف الثاني كان من خلال التبرع المالي السخي الذي قام به السيد ناصر الخرافي من أجل المساهمة في إعادة إعمار الجنوب اللبناني جراء العدوان الصهيو- أميركي على لبنان صيف العام 2006 وهو ما كان له الأثر البالغ على نفوس أهل الجنوب بعد الدمار الهائل الذي لحق بهم جراء الاعتداء الإسرائيلي الغاشم.
الموقف الثالث كان مع الرسالة التي وجهها الخرافي إلى سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني بمناسبة «عملية الرضوان» التي شهدت تحرير الأسرى اللبنانيين. ولك أن تقدر ماذا يعني أن يقوم شخص مثل ناصر الخرافي بتوجيه رسالة عبر الصحف الكويتية إلى السيد حسن نصر الله بعد أن عجت صحافتنا اخيرا بحفلات «الردح والشتم» من قبل بعض «الأقزام» في شارع الصحافة من الذين دأبوا على النيل من سيد المقاومة عبر أقلامهم المسمومة والمأجورة. فتحت عنوان «يوم نصر الله الثالث» كتب ناصر الخرافي مخاطباً سيد المقاومة «تحية وتقدير لسيد المقاومة وخادمها الذي قاوم فانتصر، ووعد فصدق». ثم قال: «لقد كان انتصاركم في الإفراج عن الأسرى انتصاراً ثالثاً هز وجدان الأمتين الإسلامية والعربية بأهازيج الفرح والسرور».
أما الموقف «السياسي» الرابع، والأهم في نظري نظراً لبعده المحلي، فيعود إلى حادثة تأبين القيادي البارز في «حزب الله» الشهيد عماد مغنية التي جرت في الكويت، والتي صاحبتها حملة إعلامية شرسة نهشت ونالت من خيرة رجالات الكويت. في تلك الحملة المسعورة التي عملت فيها الماكينة الإعلامية «الخبيثة» بقدها وقديدها ومن خلال حفلة «الزار» التي أقامتها على تشويه صورة ليس فقط خيرة رجالات الكويت، بل تعدى الأمر ليطول سيد المقاومة سماحة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، فما كان من السيد ناصر الخرافي وبعد أن تطاول «الأقزام» على رموز الأمة، وبعد أن بلغ الشحن الطائفي مداه الذي قامت به قوى الظلام والذين جعلوا الكويت على كف عفريت، قام بإصدار تصريح صحافي كان بمثابة «الصفعة» التي وجهها الخرافي لهم والتي أعاد بها البوصلة الإعلامية إلى جادة الصواب.
من هذا الموقف المشرف للسيد ناصر الخرافي، أعيد طرح السؤال الذي وجهه النائب الفاضل مسلم البراك: ماذا قدم ناصر الخرافي للكويت؟ وهنا أقول: لو لم يقدم ناصر الخرافي أي شيء للكويت، كما يحاول النائب الفاضل البراك الإيحاء من خلال سؤاله السابق، ليكفيه فخراً أنه بهذا الموقف المشرف قد قدم أهم ما يمكن للمرء أن يقدمه لوطنه وهو المحافظة على وحدته الوطنية والسعي نحو إخماد الفتنة!
خلاصة القول، هذه بعض المواقف «السياسية» التي اتخذها السيد ناصر الخرافي للكويت ومن أجل الكويت والتي كان لها انعكاس كبير جداً على صعيد «سمعة» الكويت الخارجية خصوصاً بين الشعوب العربية والإسلامية، أو تلك المواقف التي كان لها الأثر البالغ في الحفاظ على وحدة البلد ووحدة أبنائه. ويكفيه فخراً أنه لم يقم بسكب «الزيت على النار» كما فعل «شركاء الأمس» ولم يقم بتوجيه «طعنة الغدر» لرفقاء دربه، بل جعل مصلحة الكويت فوق كل اعتبار بعيداً عن «المزايدات» و«دغدغة المشاعر»!
عمار تقي
كاتب كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي