تركي العازمي / ... وقُدم الاستجوابان!

تصغير
تكبير

كنا بانتظار التشكيلة الوزارية بعد العيد، وجاءت المفاجأة من النواب عبر تقديم طلبي المساءلة لوزيري المالية والأوقاف. انتظرنا... وقدم الاستجوابان من قبل النائبين الدكتور ضيف الله بورمية والدكتور وليد الطبطبائي، وهو حق كفله الدستور لهما وتوقعنا ذلك، لكن التقدير الزمني جاء مخالفاً للظنون ليحمل رسالة خاصة لسمو رئيس مجلس الوزراء، مفادها أن الوزيرين غير مرغوب بهما.

فهل التدوير حل للمشكلة؟ لا نعتقد، ذلك أن التدوير هروب من المساءلة وأداء الوزير سيظل، كما هو، حتى وإن تم تدويره. وبالتالي فالحل من نوع آخر. من وجهة نظرنا، نعتقد أن المسؤولية السياسية يتحملها الوزير في حال ثبوت الوقائع التي تضمنتها المحاور، وهناك حسابات أخرى لا يعلم بها سوى النواب أنفسهم.

إننا أمام أداة دستورية واستجواب وزير المالية بدر الحميضي ووزير الأوقاف الدكتور عبد الله المعتوق أعلن من قبل والتوقيت جاء مبكراً ليحدث سابقة في تاريخ الكويت السياسي، إذ إنه للمرة الأولى يتم تقديم استجوابين في يوم واحد. البعض يرى أن التوقيت غير مناسب في ظل الظروف الراهنة، والبعض الآخر يرى أن التنسيق لم يكن في المستوى المطلوب، والبقية بين مؤيد ومعارض، وكل حسب تصوره.

لقد اختلطت الأوراق وظهرت ردود الأفعال، وعلى اختلافها نجد الجميع يؤكد على أحقية النواب في المساءلة بغض النظر عن التوقيت والكيفية التي قدم بها الاستجوابان.

الملاحظ في الممارسة الديموقراطية الكويتية أن الخلل في الاستجوابات السابقة انحصر في الجهاز التنفيذي الذي يشرف عليه الوزراء المستجوبون آنذاك، إلا أنه في هذين الاستجوابين نلتمس شعوراً مغايراً بعد الاطلاع على محاور الاستجوابين، وذلك لوجود إخفاق واضح من الوزيرين، على حد تعبير النائبين بورمية والطبطبائي، وتحديداً في جزئية التطاول على المال العام!

في الاستجواب يتقدم النائب المستجوب بعرض للحقائق الموثقة، وبعدها يرد الوزير والنواب بين مؤيد ومعارض، وتبقى النتيجة معتمدة على قـــــــــناعة النواب في مجلس الأمة!

ولا شك أن كثرة الاستجوابات ظاهرة غير صحية وتعطي انطباعاً عن عدم فاعلية الجهاز التنفيذي وضعف عملية الاتصال بين الوزراء والنواب، إما لاختلاف الكيمياء الشخصية بينهم وإما لأسباب أخرى.

الاستجوابات تقدم بعد أن ينفد صبر النواب، ولا يتم احتواء أوجه الخلاف من قبل الحكماء في الجهتين التنفيذية والتشريعية ومبدأ التعاون المنشود من قبل السلطتين يوجب توفير حالة من التفاعل بين الوزراء والنواب في شأن القضايا المثارة من قبل السادة النواب!

للنائب مصادره، والتي يستقي منها مادة السؤال البرلماني وعلى الوزير الرد على النائب، وقد تكثر الأسئلة الموجهة للوزير وكثرتها قد تتسبب في «نرفزة» الوزير، وبالتالي يفقد التركيز ويظهر عامل الوقت محركاً للنائب للمضي قدماً إلى حد الاستجواب.

إن إخواننا النواب بحاجة إلى التفكير ملياً قبل تقديم الاستجواب، فالخلل في معظم الاستجوابات ينحصر في الجهاز التنفيذي الذي يوقع الوزير في «فخ» الاستجواب ويغادر الوزير وتبقى العوامل المتبقية في الاستجواب عموماً.

إن الحاجة باتت ملحة لمراجعة أداء الجهاز التنفيذي بالوزارات ووضع خطط عمل واستراتيجيات لتنفيذ الخطط ليتحمل قادة الجهاز التنفيذي المسؤولية في نجاح تنفيذ الاستراتيجيات أو الفشل في تطبيقها، كي يأخذ على أثرها الوزراء القرارات اللازمة بمحاسبة المقصر ومكافأة المجد في عمله.

يبقى الاستجواب حقاً، ولا ينبغي أن ينزعج منه الوزراء، فهو جلسة للمكاشفة وكل يدلو بدلوه حينئذ... والله المستعان!


تركي العازمي


كاتب ومهندس كويتي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي