د. وائل الحساوي / نسمات / وانهار جدار التعليم

تصغير
تكبير
في محاضرة للدكتور أحمد زويل (الحاصل على جائزة نوبل) قال بأن هناك ثلاث قوى تتحكم بالأمم وهي: قوة المعرفة ممثلة في التعليم والبحث العلمي، وقوة الحكم السياسي الرشيد وقوة المناخ (التربة والتعداد).
وقال بأن الصين تعتمد على قوة التعليم والبحث العلمي، والولايات المتحدة تعتمد على قوة الحكم وحرية الفرد، ودول الخليج تركز على قوة المناخ والتربة.
طبعاً فإن قوة المناخ والتربة - بحسب قصد الدكتور زويل - هي عطايا ربانية لا بد لنا فيها، لكن فقدان قوة التعليم وقوة الحكم هي من المآسي والنكبات التي منيت بها امتنا منذ زمن طويل ولا يبدو في هذا النفق الطويل المظلم أي بصيص أمل نتمسك به بالرغم من أننا أمة العلم والعدل والمساواة.

لقد نقلنا سابقاً تقريراً أميركياً قدمته اللجنة الوطنية المكلفة بدراسة وسائل تحقيق التفوق والسبق في التعليم بالولايات المتحدة (عام 83) بعنوان (أمة في خطر) والذي يقول فيه: «لو قامت قوة معادية بفرض اداء تعليمي قليل الجودة على الشعب الأميركي لاعتبر ذلك مدعاة للحرب، ولكن ذلك يحدث الآن من خلالنا نحن الذين سمحنا به... إنه عمل بلا تفكير وعملية نزع لسلاح التعليم».
إذا كان الأميركيون يقولون هذا الكلام عن تعليمهم الذي اوصلهم إلى القمر وأنتج لهم المكوك الفضائي والتفوق الهندسي والطبي وفجر لهم الذرة، فماذا نقول نحن عن تعليمنا الذي تحول بقدرة قادر إلى وسيلة للتسابق على حيازة اوراق باهتة باسم الشهادات العلمية حتى ولو جاءت من بقالات تبيعها بأبخس الأثمان، وحتى ولو كانت حصيلتها العلمية تساوي صفراً.
لقد سبقت تجارة الشهادات أكبر الشركات التجارية في الكويت وأصبحت هدفاً أسمى يتسابق عليه الجميع من أجل الاسم والسمعة والراتب، ولاحظ المعلمون والمربون في المقابل تدهوراً رهيباً في مستوى العلم والتحصيل لدى أبنائنا الطلبة.
خلال الأسبوع الجاري اصبنا بصدمتين كبيرتين كشفتا حجم الخلل في نظامنا التعليمي: الأولى: ما كشفه الدكتور حسن جوهر من تسريب في امتحانات الثانوية العامة، وعندما سحبت الوزارة تلك الامتحانات واستبدلتها بأوراق جديدة، تم تسريبها كذلك!!
على ماذا يدلنا هذا الفعل؟! إنه يدل على ان كثيرا من المستأمنين على التعليم في بلادنا بحاجة إلى اعادة غربلة وتمحيص، فمن يسرق الامتحانات ويبيعها على الطلبة اكثر جرماً ممن يطعن هؤلاء الطلبة بسكين، وتكرار تلك الظاهرة يدل على اختراق غير مسبوق في انظمتنا التعليمية. الثانية: ماكتبته الأخت نورية الصبيح في الصحف من شكوى ضد وكيلة التعليم العالي ومطالبتها بعدم التجديد لها يدل كذلك على خلل كبير في نظام عمل تلك الوزارة المهمة، والذي لمسناه من خلال فتح ابواب الشهادات الوهمية والمزورة والجامعات السيئة لمن هب ودب وحذرنا منه مراراً وتكرارا.
وأنا ألوم الأخت نورية قبل الآخرين بسكوتها الطويل عن تلك الجرائم إلى ان تركت الوزارة، فقد كنا نسميها بالمرأة الحديدية، وقد كانت قادرة على ان تضع استقالتها أمام المسؤولين ان لم يستجيبوا لاصلاحاتها في الوزارة.
د. وائل الحساوي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي