المسؤولون كما قلت في المقال السابق أنواع، وشبهتهم بدلالات ألوان إشارات المرور، وقد كتبت عن المسؤول الجبان «اللون الأحمر»، وسأفرد مقال اليوم عن المسؤول الحذر المخادع «ذي اللون الأصفر».
المسؤول الحذر المخادع متردد من الطراز الأول، يتخذ قراراً ويغيّره بسرعة، يعتمد كتاباً رسمياً، ولكنه يحتفظ به عند التوقيع عليه بحجة المزيد من التأني والدراسة! له مع كل شخص وجه وقناع، يجتمع عنده الفرقاء من كل صنف ليس بسبب قدرته على الاحتواء، ولكن بسبب تلونه، وقدرته على تبديل جلده بسرعة فائقة!
المسؤول الحذر المخادع يحاول أن يكسب الجميع، ولكنه يخسرهم جميعاً في الوقت نفسه واحداً تلو الآخر، تجده يدفع أحد مرؤوسيه لتبني مشروع ما، وفجأة! «يقص فيه الحبل» من دون سابق إنذار! يعطيك من طرف اللسان حلاوة، مع إتقانه فنون الشقلبة على أصولها.
المسؤول الحذر المخادع ليس له صديق دائم، ويعتمد في إدارة مرؤوسيه على سياسة خبيثة اختصرتها اللهجة الكويتية في كلمتين اثنتين لا ثالث لهما «تربيط
العصاعص»! وهي لغير الناطقين بها تعني باختصار
سياسة «فرّق تسدْ»، قمة النجاح لدى هؤلاء المرضى النفسانيين من المسؤولين هو الاستمتاع بالنميمة بين موظفيه... فاحذرهم!
تغلبك الحيرة عند التعامل مع المسؤول الحذر المخادع، هل تعمل بجد وتنطلق في العمل بهمة عالية؟ أم تتأنى وتنتظر وتجعل الزمن جزءاً من العلاج؟ هو صنف من المسؤولين لا يؤخذ حق منهم ولا باطل، لا مانع لديه من الكذب - أو التورية - فهو أكثر أسلحته ذخيرة.
المسؤول الحذر والمخادع يتحجج برؤسائه في العمل، ويسند إليهم أقوالاً لم يتفوهوا بها، وهو لا يدافع عن مرؤوسيه في اللجان والمجالس، ويفرح عندما يُنتقَدُ أحدهم أمامه، يدعي الوقوف إلى جانبك، ولكنك سرعان ما تتذكر قصيدة أحمد شوقي في وصف الثعلب!
في الأفق:
الإشارة الصفراء من أكثر إشارات المرور المسببة لحوادث مرورية قاتلة! فمحاولة الالتزام بالقانون والتوقف عند الإشارة الصفراء قد تكلفك حياتك عندما يأتيك أحد «المطافيق» مسرعاً من الخلف، ما يضطرك إلى كسر قانون تحترمه، ولكنها السباحة ضد التيار في بيئة لا تحترم القانون، وأظنها - مع إن بعض الظن إثم - لا تريد سيادة القانون!
د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
www.alsuraikh.net