لا أدري لماذا تتكرر كلمة التكفير بين المسلمين ويقذف بعضهم بعضا بأنه يحكم بتكفيره او تكفير طائفته، فالسلف الصالح هم بشهادة الجميع أبعد الناس عن تكفير الآخرين، وانقل كلاما لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الذي يعتبره البعض من المتشددين دون ان يفهموا منهجه، يقول ابن تيمية: «هذا مع اني دائما ومَنْ جالسني يعلم ذلك مني، اني من اعظم الناس نهيا عن ان ينسب معين (شخص محدد) إلى تكفير وتفسيق ومعصية، الا اذا علم انه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرا تارة، وفاسقا اخرى، وعاصيا اخرى، واني اقرر ان الله قد غفر لهذه الامة خطأها، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية، والمسائل العملية، (مجموع الفتاوى 3/229)، ويقول: (من يعتقد ان شيخه يرزقه أو ينصره أو يهديه أو يغيثه أو يعينه، او كان يعبد شيخه او يدعوه او يسجد له... وهؤلاء الأجناس وان كانوا قد كثروا في هذا الزمان فلقلة دعاة العلم والايمان وفتور اثار الرسالة في اكثر البلدان، واكثر هؤلاء ليس عندهم من اثار الرسالة وميراث النبوة ما يعرفون به الهدي، وكثير منهم لم يبلغهم ذلك، وفي اوقات الفترات وامكنة الفترات (التي لا يصل فيها العلم الصحيح للناس) يثاب الرجل على ما معه من الايمان القليل ويغفر الله فيه لمن لم تقم الحجة عليه مالا يغفر به لمن قامت الحجة عليه.
كما في الحديث المعروف «يأتي على الناس زمان لا يعرفون فيه صلاة ولا صياما ولا حجا ولا عمرة الا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة ويقولون أدركنا اباءنا وهم يقولون «لا إله الا الله»، فقيل لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه: ما تغني عنهم (لا إله الا الله)؟ فقال: تنجيهم من النار». وأصل ذلك ان المقالة التي هي كفر بالكتاب والسنة والاجماع، يقال: كفر قولا يطلق... ولا يجب في كل شخص قال ذلك بأنه كافر حتى تثبت في حقه شروط التكفير وتنتفي موانعه» (مجموع الفتاوى 35/164).
أما الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله فيقول: «وإن كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على قبة عبدالقادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وامثالهما لاجل جهلهم وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله اذا لم يهاجر الينا ولم يكفر ويقاتل؟» سبحانك هذا بهتان عظيم (فتاوى ومسائل الشيخ محمد بن عبدالوهاب ص 11).
ما ذكرته هو مقدمة ضرورية قبل الحوار حول بعض المسائل الدينية العقائدية وبسط الآراء فيها بهدف الوصول إلى الحق وللحديث بقية بإذن الله.
د. وائل الحساوي
[email protected]