في بادئ الأمر نود أن ندعو المولى عز وجل أن يديم الصحة والعافية على سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح الذي حالت الظروف القاهرة دون قيامنا بتقديم السلام عليه بعد عودته من رحلة العلاج، ولا يسعنا من بعد أن نال ثقة الأمير في إعادة تعيينه رئيساً لمجلس الوزراء إلا أن ندعو له بالتوفيق وعرض بعض ما أعاننا الله على فهمه أمامه وأمام السادة النواب، كي تستمر العلاقة بين السلطتين من دون احتقان وتتحرك الكويت صوب التنمية المرجوة ورفعة شأن المواطن والمقيم على حد سواء في دولة الكويت.
إن الخلل الذي تعاني منه الكويت سببه عقم فهم لمستوى الثقافة من جانب الرؤية الاستراتيجية والإدارية. فالاستراتيجية الخاصة بالمشاريع وتطوير العمل وتحفيز العاملين بالجهاز التشغيلي في الدولة وتحويل مناخ العمل من طارد إلى جاذب إنما هي من مهام القائد بمستوى الوزير والقائد التشغيلي (إدارة ممتازة مع توفر صفات قيادية لتحسين الأداء المعنوي) وهم بمستوى الوكلاء والوكلاء المساعدين والمدراء الكبار، إذ إن الوزير يستشف من خلال مجلس الأمة المشاريع المطلوب تنفيذها، وبالتالي يحدد الرؤى المناسبة لتنفيذها من خلال الوكلاء والوكلاء المساعدين، وهي عملية تختلف مهامها من منصب إلى آخر من أعلى الهرم حتى أصغر موظف في المنشأة. فكيف يصبح بمقدور سمو الرئيس من تنفيذ المشاريع الطموحة وعمل نقلة نوعية في الجهاز التشغيلي الخدماتي، عموماً، إلى حيز المثالية المعمول به نفسه في الدول المتقدمة؟
نعتقد أن سمو الرئيس يجب أن تكون له عين ثاقبة موزعة على كل منشأة لمعرفة الوضع الحقيقي الذي يعيشه الشعب عموماً من مواطنين وكذلك المقيمين. وتحقيق هذا الأمر حسب دراسات العلم الاستراتيجي الميدانية ممكن من خلال إنشاء مكاتب استراتيجية فرعية كل حسب تخصصه، وهذه المكاتب مرتبطة بالمكتب الاستراتيجي الرئيسي الذي يُفترض أن تكون تبعيته لسمو رئيس مجلس الوزراء.
هذه المكاتب يجب أن يكون فيها مستشارون ومتخصصون عالميون محايدون يقومون بترجمة الأفكار وصياغتها كمشاريع واجب تطبيقها. هؤلاء المستشارون يتنقلون ويعقدون ورش عمل مع كبار العاملين وصغارهم لاستطلاع آرائهم وليس بالضرورة ان كل وكيل أو وكيل مساعد متصف بالسمات القيادية، وقد نجد صغاراً في وظائفهم كباراً في فكرهم، وهم بحاجة إلى من ينمي مهاراتهم ليصبحوا قادة الغد فالقيادة ليست منصباً على الإطلاق «Leadership is not a position»، ففي حال توافر الفكر الاستراتيجي من خلال غرس المفاهيم الاستراتيجية تستطيع، ولو بعد حين، تجاوز الخلل الذي تعانيه منشآت الدولة.
والحديث هنا بحاجة إلى مناقشة وشرح تفصيلي لكيفية رسم الفكر وتطويره وتحديد خطة العمل الاستراتيجية وإسناد المهمة إلى الأكفاء فقط من دون انحياز أو محسوبية، وهذا بحد ذاته يطبق مبدأ الشفافية والحياد الذي ينشده الجميع.
سمو الرئيس... مبروك الثقة وندعو الله عز وجل أن يعينك على حمل هذه المسؤولية، وأن يهبك الطاقم الوزاري الطموح الذي يوازن بين الفكر الاستراتيجي بفهم قيادي مع ما يحتاجه البسطاء والكبار... والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]