حديث / الكلمة مفتاح العقول والقلوب

u0644u0648u062du0629 u0644u0644u0641u0646u0627u0646u0629 u0633u0643u064au0646u0629 u0627u0644u0643u0648u062a
لوحة للفنانة سكينة الكوت
تصغير
تكبير
| هناء العنزي |
المثالية... والأفضلية... والعدالة الاجتماعية للرجل والمرأة، كلها أفكار ألهبت عقول المفكرين على مر العصور، لكن هيهات أن يعثروا عليها فهي مكشوفة لنا من قبل... سأقول لكم كيف...؟!
لقد كان حلم الأولين والآخرين، السابقين واللاحقين مجتمعاً مثالياً، ومازال الناس مذ خلقهم الله تعالى مذاهب ومشارب، فالناظر في حال الأمم، والمجتمعات قديماً وحديثاً يرى أنها وإن سعت كلها إلى المثالية إلا أن بعضها قد أحرز المثلية، والبعض الآخر قد تجاوز حد تصوره، والبعض لم يتجاوز أمنياته، ومما لا شك فيه أن المقاييس تختلف باختلاف المجتمعات، ومنشأ أفكارها وأهدافها المحدودة، ولو رجعنا إلى ألف وخمسمئة سنة لوجدنا أن سمو الحضارة الإسلامية تجاوز أفاق كل حضارة، وكل مجتمع فباعتباره فكراً فهو يدعو إلى تحرر الإنسان من قيود الحجر والشجر، ويعطي المجتمع الذي هو خليط رجلٍ وامرأة كافة حقوقه وحرياته، وإن كان المجتمع المثالي هدف فلا هدف للمرءِ أعظم من كونه يسعى إلى دخول الجنة، لذا جاءت النصوص المقدسة داعية إلى الأخلاق واحترام الذوات البشرية سواءً أن كانت امرأة أو رجل، صغيراً أم كبيراً، وكل ذلك مقومات لمجتمع مثالي، متمثل بالالتزام بدينٍ أعطى كل ذي حقٍ حقه. وحين وحَد المجتمع كله بمثاليةٍ لا مثيل لها عندما قال عليه الصلاة والسلام «المؤمن مرآة أخيه».
مثالية المجتمع تعني احترام قوانين الرب، والعمل بمقتضاها، وعدم الاعتداء على حريات الآخرين، وهذا أبدا لا يعني أن تخرج المرأة ببنطال الجينز سافرة الشعر، متبرجة، أو حتى مرتدية ثياباً ليست بثياب، باحثة عن الزينة الكاملة في كل شيءٍ يوحي بالزينة بالنسبة لامرأة من هذا الزمان، ولا الرجل مستعرضاً نفسه كقوِيمٍ على الحياة بفهم خاطئٍ للرجولة.
يا أهلي... رجل وامرأة... لقد قام المجتمع الإسلامي كأساس قوي، كدولةٍ عُظمى قضت على كل حضارة قد كانت، وكل إمبراطورية قد تكونت، كيف كان ذلك...!... من صنعه...!
لنسبر أغوار فكر نبت، فقويت جذوره، فكرٌ نحن منه انشققنا، فكرٌ أتى به محمد ابن عبدالله بأبي هو وأمي بل بكل رجل وامرأة، وبصحبه الأخيار قد قام مجتمع لا مثيل له على مر الزمان، فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ قد اُمتُحِنَ بالفقر فنجح، اُمتُحِنَ بالغنى فنجح، واُمتُحِنَ بالقهر فنجح، وبالنصر فنح، رجلٌ عادته صناديد، ونصبوا له العِداء، وحورب وقد كان له وهو المنتصر أن يبيح المدينة كلها لجيش من ألاف الرجال بكلمة منه، فلم يرض، هي الرجولة التي تربَى عليها على أساسٍ من القرآن وما سنَه خالق الأكوان، هو قدوة للعالم عامة، وللرجال خصوصا.
كنت في حين أوج قراءاتي، أو حينما عقلت أن الكتاب خير رفيق، منذ عهد تداعيات البحث عن شخصية تلائمني، أبحث بين الكلمات عن كل امرأةٍ في الكتب علِّي استسقي منها ما أراه أنا، فأكونه، حتى رأيت شكسبير رجل يقول: «أكثر الناس زينةً، أكثرهن نزقاً وخفة عقل»، فكيف تصبح المرأة بكامل زينتها، جميلة مع عقل يرجح مع كِفاف المجتمع، وعلى جميع الأصعدة، لكنني بعد البحث العقيم الذي أرداني دون فائدة ترجى على أساس صحيح متين، رأيتها أخيرا متمثلة في مجتمع إسلامي ضمِن لها حقوق واعترف بها كإنسان مساو للرجل في الكرامة الإنسانية، والخلقة المتمثلة منه، وهذا التكريم لم تعرفه المجتمعات المغايرة على مر الأزمنة، وعلى جميع الأصعدة.
قال عليه الصلاة والسلام: «أكرموا النساء فوالله ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهم إلا لئيم، ويغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالبا».
لقد صنع هذا الدين مزيجاً لم يُصنع قط... كيف لا... ورب الخلائق خالقه وصانعه، فعلى النساء أن تتزين به، فقد تخلَق به من كان قبلهن حتى رفع الله قدرهن، وأتى ذكرهن في كتابه العزيز، وأوصى بهن خير البرية صلى الله عليه وسلم قبل أن يُقبض فقال: «استوصوا بالنساء خيراً»، فأي كرامة بعد ذلك يبغين، وأي مجتمعٍ مثاليٍ سيكون عندئذ، خير زينة هي زينة الاحتشام بسواد الثياب الخالص من نور واشراق فكر يُسقى به المجتمع... برأيكم... أي ثمر سيُؤتى بعد ذلك غير المثالية المرجوة عبر كل زمن ومحتوى كل فكر سليم.
قد قال بلزاك أحد فلاسفة الزمن الأغبر مرة « الرجل صنيعة أمه، والبيوت بلا أمهات صالحات قبور»، والمجتمع هو امرأة متزينة بالصلاح، ورجل بمعنى الكلمة، تلك المثالية التي كان يبحث عنها بلزاك وغيره، وهذه هي المدينة الفاضلة التي توارت خلف حجاب هذا الزمان... أحييناها بكلمة طيبة من سرد امتيازات فزنا بها بسمو دين جمع الرجل والمرأة تحت سقف مجتمع مثالي بهندسة إسلامية لا يملكها غيرنا.
* الجامعة العربية المفتوحة- الأدب الإنكليزي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي