د. وائل الحساوي / نسمات / المجلس البصّام

تصغير
تكبير
عندما نرفض سياسة التأزيم فإنه يجب الا يفهم البعض من ذلك بأننا نطلب ان يكون مجلسنا بصاما يعطي الحكومة كل ما تطلبه دون تفكير او معارضة، وليس كل من يصرخ في وجه الحكومة مستنكرا تقصيرها في تنفيذ الخطط والبرامج ومحاسبا لها على مشاريع لم تنفذها او مصاريف تجاوزت فيها الحدود، ليس كل من يفعل ذلك يعتبر مؤزما، والا فما فائدة وجود مجلس امة رقابي وتشريعي؟!
قد تسألونني: ولكن كيف نفرق بين من يمارس دوره الرقابي والتشريعي ومن يسعى نحو التأزيم؟! والجواب هو البحث في المقصد وفي الوسيلة، فإذا كان النائب يسعى لمعرفة اوجه الانفاق على مشروع حيوي ومهم او معرفة كيف تمت ترسية عقد من العقود على جهة معينة، فإن له كل الحق في ان يتوجه بالاسئلة ثم ان يحوّل تلك الاسئلة إلى استجواب ان استدعى الامر.
اما الوسيلة فيجب ان تكون راقية كذلك بان يوجه الاسئلة إلى الجهة المعنية، وان يتدرج في الوصول إلى الحقائق، وان يجلس مع المسؤولين لينبههم إلى ان هنالك خللا لابد من اصلاحه، وان يتجنب الابتزاز او الهجوم الشخصي، واعتقد بأن ما فعله النائب السابق أحمد المليفي في قضية مصاريف مكتب سمو رئيس مجلس الوزراء وفي ملف التجنيس كان اداة راقية من حيث اهمية المواضيع التي طرحها ومن حيث تنازله عن استجوابه عندما تم تشكيل لجنة تحقيق في الموضوع واحالته على ديوان المحاسبة ثم على النيابة.

لقد كان التحقيق في قضية صفقة الداو والمصفاة الرابعة يمكن ان يسير على نفس المنوال وان تتكشف الحقائق ثم تتم محاسبة المسؤولين، لكن استعجال بعض الاخوة في تقديم استجواب لرئيس مجلس الوزراء بسبب تداعيات تلك الصفقة حتى وان كان الاستجواب اكثر شمولا ثم تقديم استجواب حول مصاريف مكتب سمو رئيس مجلس الوزراء في الوقت الذي صدر فيه تقرير ديوان المحاسبة وتم تحويل الموضوع إلى النيابة العامة، ثم تقديم استجواب حول هدم مساجد الكيربي، هذه القضايا بالرغم من اهميتها لكن اساليب التعامل معها هو الذي اجهض كل شيء وقلب تلك الاداة الراقية إلى نوع من التأزيم والاستفزاز الذي رفضه الشعب الكويتي وعبّر عنه في الانتخابات الاخيرة.
نحن لا نقول هذا الكلام محاولة منا لجلد الذات او الغوص في الماضي ولكن لنبين لمجلسنا الجديد الذي نحسن به الظن بأن شعرة معاوية مطلوبة في كل زمان ومكان، وان (ما لا يدرك كله لا يترك جُله)، فمن السهل ان نكرر عبارات (الاستجواب حق دستوري للنائب) وان (الفساد قد عمّ وصمّ) ولكن الاصلاح لا يأتي الا بالتدرج، وان التعسف في استخدام اي اداة راقية يجعلها وسيلة للدمار، لاسيما اذا كانت هنالك حظوظ للنفس وراءها او اجندات غير معلنة.
ان بلدنا مهيئ للاصلاح ولا يحتاج الا إلى عزيمة واخلاص وجهد بسيط، ولدينا من ادوات الاصلاح الشيء الكثير مع شعب مثقف وواع، وامكانات مادية وبشرية، فلنبدأ قبل فوات الأوان.
د. وائل الحساوي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي