كما أخبرتكم سابقا فإن الناس ستعيش أسبوعين في مناقشة نتائج مجلس الأمة التي عادة ما تأتي بمفاجآت لم نكن نتوقعها، ومن متابعة بسيطة لما نشرته الصحف والفضائيات رأينا الشطح في التحليل والوصول إلى نتائج كبيرة من مؤشرات صغيرة، فهل قست الكويت على ابنائها بإيصال من وصل، واختيار تلك الاسماء، وما الرسائل التي اوصلتها من خلال النتائج؟!
أولا: عندما ذكرنا بأن الشعب الكويتي يشاطر سمو امير البلاد في غضبه من مجلس التأزيم السابق، رأيت الكثيرين ينبرون للرد على هذا الكلام ليحاولوا اثبات ان المشكلة كانت من الحكومة وحدها، وأن ليس هنالك تأزيم من المجلس، لكن رد الناخبين في المناطق الداخلية كان عنيفا فقد ابعد بعض المرشحين الذين كانت لهم مواقف تأزيمية، بينما انخفضت اصوات آخرين، إلى اكثر من ثلاثة الاف صوت، كذلك فان وصول المرأة بهذا العدد إلى البرلمان، وان كان نتيجة متوقعة لنشاطهن، وبرامجهن الا انها كانت وسيلة من الشعب لتقليل التأزيم ولبيان حجم الإحباط من الذكور.
ثانيا: فوز تسعة من الشيعة كان بسبب التحالفات الداخلية والتنسيق الكبير بينهم وتنوع الواجهات، لكنه كان كذلك بسبب التقاعس الكبير بين السنة وفقدان التنسيق، والصراع الذي بلغ اوجها بين ابناء الكنادرة في الدائرة الاولى حيث تنافس ثلاثة مرشحين اسلاميين اقوياء، فتكسرت نصالهم وسقطوا جميعا، حتى العوازم يبدو بأن هنالك ثغرات في مواقفهم في الدائرة الاولى ادت إلى عدم فوز اكثر من نائبين منهم، اما في الدوائر الاخرى فقد استطاع الشيعة ان يديروا بجدارة أصواتهم القليلة وينسقوا بها مع بقية المرشحين.
ثالثا: الإسلاميون، او لنقل التيار الديني، كان له نصيب كبير من الرسوب في مناطق الحضر، وهو ما كنت اتوقعه حيث كانوا سادة الموقف في المجلس السابق، لكنهم اتوا من غير برنامج عمل او خطة، وانقسموا فيما بينهم- تقريبا- على جميع القضايا، وتبادلوا الاتهامات في ما بينهم، ثم شارك بعضهم في التأزيم ولم يشكلوا حتى لجنة مشتركة للتنسيق بينهم، فكان طبيعيا ان تأتي النتيجة قاسية عليهم، وهي ان شاء الله خير لهم لكي يعيدوا حساباتهم ويفرزوا صفوفهم ويتداركوا الخلل وقد قرأت سورة آل عمران بالأمس فرأيت فيها صورة مجسدة لعاقبة الفوضى والخلل في الصفوف.
ولا شك ان هذا التراجع ليس دلالة على يأس الشعب الكويتي من التيار الديني وأهدافه، ولكنها رسالة واضحة في عدم جواز الاستهتار بالثقة التي منحها لهم والانشغال بتوافه الامور والصراعات الجانبية.
رابعا: اما ما قرأته من تحليلات صحافية لاسباب تراجع التجمع الاسلامي السلفي، وإرجاعه إلى افراط التجمع في حكومتيه ووقوفه مع الحكومة فهذا في تصوري غير صحيح، حيث ان الليبراليين والشيعة كانوا اشد مساندة للحكومة في المجلس الماضي، ومع هذا فقد زادت اسهمهم لكن تفسيري هو ان التجمع يختلف عن هؤلاء في ان له امتدادا قبليا كبيرا، وقد هاجمه كثير من الاقلام من ابناء القبائل واوسعوه ضربا وتشويها لانه يؤثر على دوائرهم التي تطلب رأي الدين والشرع في الامور، كذلك فان سقوط الدكتور محمد الكندري من التجمع بالرغم من حصوله على اصوات اكثر من الانتخابات الماضية (6064 مقابل 6579) مع ان نسبة التصويت في الدائرة الاولى لم تتعد 61.33 في المئة، لكن السبب كما ذكرت هو الصراع بين الكنادرة وتوحيد صفوف الشيعة.
اما سقوط عبداللطيف العميري، فهو قد حصل على ارقام مقاربة في نسبتها من الانتخابات السابقة (5000 صوت مقابل 4378) مع ان نسبة التصويت في الدائرة الثانية كانت 68 في المئة، فهو لم يفقد قاعدته، وسبب استطرادي في هذه النقطة لكي لا يشعر النواب بأن وقوفهم عن قناعة مع الحكومة ضار بهم.
خامسا: تبين بوضوح بان الاعلام بالرغم من دوره المؤثر الا ان نسبة تأثيره قليلة جدا في تغيير قناعات الناس، بل اصبح البعض يردد بانك اذا اردت رفع اسهم مرشح فسلط عليه حملة إعلامية سلبية لينجح.
د. وائل الحساوي
[email protected]