طارق خليفة آل شيخان / دوق بروخشتاين / الهوية الخليجية... قطر كنموذج

تصغير
تكبير
يعتبر مفهوم الهوية سواء كانت دينية، أو ثقافية، أو اجتماعية، أو سياسية، أو اقتصادية، من أهم أسباب وعوامل وجود الدولة واستقرارها، علاوة على وحدة وتماسك مجتمعها. وتحرص الدول على تعزيز هذا المفهوم، وتطبيقه بأساليب وأشكال عدة ليتناسب مع طبيعة تفكير المجتمع. ومن الدول الخليجية التي سعت إلى تعزيز مفهوم الهوية الخليجية الثقافية، والاجتماعية دولة قطر، والتي عمدت إلى ابتكار أسلوب جديد في تعميق هذا المفهوم، يجمع ما بين الأصالة والحداثة وصهرهما في بوتقة واحدة، سهلت وصول رسالة ومفهوم الهوية الخليجية إلى المجتمع القطري.
ويتلخص هذا الأسلوب في استخدام مفردات تراثية خليجية من أجل (خلجنة) بعض جوانب الحياة الحديثة، والأعمال المصاحبة لها. ويمكن إيجاز ذلك الأسلوب من خلال استعراض بعض هذه المفردات، معانيها وأهدافها، وهي كالتالي:
* الفزعة: وهي كلمة تعني النجدة. وتستخدمها قطر لوصف سيارات النجدة التابعة لوزارة الداخلية، حيث يكتب على جانبي السيارة كلمة (الفزعة)، وهي تقوم بمهام النجدة نفسها تماماً، من مساعدة المواطنين، إلى تنظيم المرور...

* الخويا: ومفردها (خوي) وتعني الصديق القريب. أما كلمة الخويا فهي تعني مجموعة الأشخاص المخلصين المرافقين لشيخ القبيلة، أو لأميرها. ومن مهامهم تقديم العون والمساعدة نيابة عن الأمير، أو الشيخ. والخويا الذين نقصدهم هنا هم مجموعة من العسكريين التابعين للديوان الأميري يكتب على جانبي مركباتهم كلمة (لخويا) بإلغاء حرف الألف استناداً للهجة أهل قطر. ومهمة (لخويا) تتركز في معظم الأحيان في تقديم المساعدة للمواطنين خصوصاً فيما يتعلق في تنظيم حركة السير، والمواكب الرسمية.
* كروة: وتعني الأجرة مقابل عمل ما. وهي تعني هنا وسائل النقل سواء التاكسي، أو الباصات الكبيرة، حيث يكتب على جانبي المركبة كلمة (كروة) للتعريف بأنها تاكسي، أو مواصلات للأجرة.
* لبيه: وهي تقابل كلمة لبيك التي تطلق على المولى عز وجل. وهي هنا تصغير لكلمة لبيك وتوجه لمن هو صاحب شأن من الأشخاص، أو للتقدير من شأن الشخص. وخدمة (لبيه) تطلقها وزارة الصحة العامة للإجابة عن استفسارات وأسئلة مراجعي الوزارة.
* تهيد: بتشديد الياء وتعني تمهل. وهي كلمة تم استخدامها عنواناً لحملة توعية مرورية، تشدد على ضرورة عدم الإفراط بالسرعة والتمهل في القيادة، وإعطاء الطريق حقه من احترام لقواعد المرور، ومراعاة حق الآخرين بالمشاركة في السير على الطرقات.
لقد شدد المسؤولون الخليجيون في «مؤتمر الهوية الخليجية» الذي عقد في البحرين أخيراً على ضرورة الحفاظ على قيم ومبادئ الهوية الخليجية، والعمل على اتخاذ السبل كافة التي تضمن غرس مفاهيم الهوية بأنواعها كافة. وتأتي دولة قطر لتطبق هذا المفهوم، عبر أسلوب مزجت فيه الأصالة والتراث مع الحياة العصرية، وقدمت مثالاً ذكياً في الحفاظ على الهوية الثقافية، والاجتماعية، من دون الركون الى الماضي، بل بالتفاعل مع الحياة العصرية، مع الحفاظ على التراث والهوية.
طارق خليفة آل شيخان
رئيس مجلس العلاقات الخليجية الدولية (كوغر)
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي