تركي العازمي / الجرأة في التغيير...

تصغير
تكبير
تجاوزنا العام من عمر دراسة الدكتوراه التي تدور أحداثها على معالم القيادة منذ نشأتها في أول تعريف للقيادة عام 1881 وكان التركيز على الجانب المعنوي والأخلاقي، والذي مع بالغ الأسف لم يعطَ القدر الكافي من البحث، وغالبية الدراسات كانت على هيئة بحث كمي من خلال الاستبيانات التي أدرك الباحثون في ما بعد، وحديثاً جداً، أنه لم يلامس جوهر القضية القيادية التي تتصل بالسلوك، وهو غالباً ما يكشف من خلال مقابلات شخصية تحاكي القادة، ومن هم في مستواهم لتظهر بعدئذ التحليلات والحلول والتوصيات.
القصد من هذه المقدمة، أننا في الكويت بالكاد فتحنا الباب أمام مفهوم القيادة وشروط اختيار القياديين، ولسنا بصدد التبحر في هذه الأمور، ولكن نود تسليط الضوء على الجانبين المعنوي والأخلاقي للقيادة اللذين ظهرت آثارهما السلبية واضحة.
إننا في حاجة إلى رسم الخطوط العريضة للقيادة السليمة التي تنبثق من فكر قيادي يؤمن بالتخطيط الاستراتيجي وحساسية مفرطة لأي فعل أو قول مخالف لأخلاقيات القيادة، ونخص بالذكر السادة نواب مجلس أمة 2009 وحكومة 2009 المقبلة.

فلو أن الحكومة اعتمدت التخطيط الاستراتيجي واختارت قادة لديهم الصفات الرئيسية للقيادة، وقدرة إدارية جدية، ولو حرص نواب مجلس الأمة على الجانب المعنوي في تعاملهم مع الحكومة والجانب الأخلاقي في مطالباتهم التي يفترض أن تكون ضمن إطار القانون وأدب الحوار ولغة جسد لا تثير الاطراف الأخرى، لاستطعنا تجاوز العوامل كلها المسببة للاحتقان بين السلطتين.
إن الباحثين الجادين في عملهم، خصوصاً في الدراسات العليا، إنما حصلوا على الدرجة العلمية نظير بحث ميداني لمشاكل إدارية وقيادية على أرض الواقع. ولكن «البلاء» أن لا أحد من إخواننا في الكويت ودول العالم الثالث يعير أي اهتمام لتلك الدراسات. وإذا كنا نفتقر للقيادة، وهو واقع الحال، فلا بأس أن تقوم الحكومة بالتعاقد مع بيوت استشارية كشركة ماكينزي وغيرها للبحث عن الحلقة المفقودة في منشآت الدولة على مختلف تخصصاتها، وبالتالي نستطيع الخروج بنظام تشغيلي يعتمد على المنظور الاستراتيجي الذي فيه النتائج من المعيار الحقيقي لكفاءة العمل في قطاعات الدولة... ولن يكون هناك «درب» للنواب على الوزراء إذا التزموا بالفكر الاستراتيجي الحقيقي، بعيداً عن العاطفة والتأثيرات الجانبية التي تفرغ الحيادية والعدالة والمساواة من مضامينها.
في العام 2003 أطلق جوناثون جوسلنج عبارته الشهيرة «القيادة من دون قاعدة إدارية جدية تكون مدمرة»: فهل قادتنا لديهم الأسس الإدارية الصحيحة هذا إن سلمنا بأنهم يتصفون بالقيادة؟ الإجابة من واقع الحال... لا!
مما تقدم نستخلص من المعلومات المتوافرة أن الكويت بحاجة إلى الجرأة في التغيير، وفي حال توافر النية الفعلية، فالأمر لو طبقناه لأصبحنا في حال أفضل وستجد الخدمات الصحية والتعليمية، البنية التحتية، الكهرباء، التعليم على مستوى مقارب لما هو مطبق في الدول المتقدمة. عفواً، هل يحق لنا الطموح للأفضل؟ لم لا... والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي