خمسة أيام ثم يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لاختيار نوابهم الخمسين، ثم نظل بعدها اسبوعين نتناقش في اسماء الفائزين والخاسرين، وتحليلاتنا تصل إلى عنان السماء، وسنسمع من يشمت بمرشحين من توجه او تيار معين يفسر النتائج ليثبت بأن كلامه كان صحيحا وأن الشعب قد لفظ ذلك التيار، ومن يشمت بنواب من قبيلة معينة يحلل اسباب سقوطهم، ومن يرفض تيار التأزيم يحلل النتائج لبيان ان هذا التيار قد سقط وليس له رجوع او ان التيار الحكومي قد سقط، وهكذا.
ثم سننشغل مرة اخرى بتعيين رئيس مجلس الوزراء وسيكثر القيل والقال، والكل يحاول ثني صاحب القرار عن اختيار من لا يعجبه ثم الحديث عن التشكيل الوزاري، ماله وما عليه، ثم ننشغل بافتتاح المجلس ورئاسته وتشكيل اللجان، ثم تأتي العطلة الصيفية «ليتطشّر» المليون كويتي في جميع بقاع الارض، وليجلس كل منهم في دواوين لندن او ملتقيات «بحمدون» او شواطئ الاسكندرية وتايلند ويتحدثوا عن ذكرياتهم الطيبة او الأليمة خلال الشهرين الماضيين ثم يأتي رمضان المبارك ليجمع الجميع في جو ايماني معطر بآيات القرآن الكريم ومحاولة نسيان الكلام الكثير الذي قالوه وقت الانتخابات، ولكن ما إن يفتتح دور الانعقاد الثاني بعد العيد المبارك حتى يكتشف الناس بأن الذي تغير فعلا هو الوجوه والاسماء، وان العقلية التي تدير البلد من حكومة ومجلس لم تتغير الا قليلا، وان مشكلتنا الحقيقية ليست بمسمى رئيس مجلس الوزراء- بالرغم من اهميته- وليست في نواب التأزيم- بالرغم من إزعاجهم- ثم يبدأ الحديث عن الحل الدستوري او غير الدستوري وهكذا.
قد نستغرق وقتا طويلا قبل ان نكتشف بأن الشيء الذي نبحث عنه موجود بين ايدينا وان مشاكلنا ليست بالتعقيد والاستحالة التي نتصورها، فهي تتلخص في امور قليلة ممكنة ومتوافرة بين أيدينا مثل:
أولا: اختيار القوي الأمين سواء في مجلس الأمة او الحكومة فمن شاء الاصرار على اختيار النائب او الوزير بحسب مسمى عائلته او قبيلته او طائفته هو الطامة الكبرى التي جعلتنا لا نحسن الاختيار ونكرر الفشل، حتى رئيس مجلس الوزراء الذي يمثل الركن الاساس لابد من مراعاة اختياره بحسب ذلك المقياس الذي ذكرناه، ولا ارى ما يمنع من اختياره من اطراف بعيدة في الاسرة الحاكمة او من الشعب ولكن بشرط تطبيق مقياس القوة والامانة، فهذا هو الاردن بلد ملكي مثل الكويت ولكن رئاسة مجلس الوزراء فيه هي منصب شعبي وبالطبع لو وجد هذا المنصب من الاسرة الحاكمة فهو الافضل والأضمن لاستمرار الاستقرار.
ثانيا: أن يكون للحكومة برنامج واضح تقدمه عند تشكيلها مباشرة، ويتم اختيار الوزراء بحسب هذا البرنامج، ثم نعطيها سنة لتنفيذه قبل محاسبتها.
ثالثا: تطبيق القانون على الصغير وعلى الكبير ومنع من تسول له نفسه مخالفته حتى ولو كان من كان.
هل هذه المطالب صعبة علينا ان صدقنا في تطبيقها ام اننا لا نملك النية او الارادة لتطبيقها؟!
د. وائل الحساوي
[email protected]