ضوء / خلف الخلف في ملتقى الثلاثاء... لقاء حفل بالصدام والاختلاف

تصغير
تكبير
| حنان عبدالقادر |
استضاف ملتقى الثلاثاء ضمن فعالياته الثقافية الشاعر السوري خلف علي الخلف ليلقي من كتاباته على جمهور الملتقى، والخلف أسس موقع جدار الثقافي، وهو موقع فكري مستقل، صدر له «نون الرعاة»- شعر 2004 و«التنزيل» - شعر 2007، و«كحل الرغبة» - شعر 2008، و«نواح الغريب: حكاية لم ينقرها الطير»- نص 2008. وله تحت الطبع كتاب بعنوان: قصائد بفردة حذاء واحدة.
قدم الأمسية الشاعر نادي حافظ الذي أشاد بتاريخ الخلف ومواقفه حيث قال: «انه مظاهرة تمشي على قدمي، ساخط، ساخر، متمرد، سليط اللسان، متظاهر فردي ضد استبداد الأنظمة، وعته الشعوب، وهو كاتب مقالة بامتياز، يطلق كلمته جريئة، وجرأته تجعله صادما متصادما، والعرب في رأيه عنصريون، يرى أن احتلال الدول المتخلفة هو الطريق الوحيد للخلاص.
وجاء دور الالقاء الذي بدأه الخلف بداية طيبة مع نص من نصوصه الأولى كان مزدحما بالحزن، ممتلئا بأوجاعنا بعنوان «كحل الرغبة»... تبع ذلك بقراءات متنوعة من نصوصه الجديدة أثارت حفيظة الحضور، لما فيها من انتهاكات للغة، وللحس الشعري، يقول في واحد من هذه النصوص التي أطلق على نفسه فيها مجددا مبتكرا لشخوص ذات سمات جديدة مدهشة، مسميا اياه ( السلنبوحة ): «كما هي في العادة كائن رخو سلسبيل، تتسلق الحيطان في الشتاءات التي تتبول على نفسها».
هكذا كان شعر التجديد عند الخلف، وصدمة المتلقي، أما التصادم فكان بينه وبين الحضور في غير مجال، ولما سئل عن كيفية وضع مسمى «شعر» والأنكى أن يوصف بالشعر المجدد لهذه الترهات أجاب: «لا أهتم كيف سيكون الرأي حولها، فلست مؤمنا بالشعر العربي، ولا باللغة العربية، ولا بشاعريتي أصلا، أما عما كتبت، فان فنية الشعر وخصائص الشعرية الكاملة متوافرة فيها ولا يهمني أن يرى الآخرون غير ذلك».
وتتابعت مداخلات الحضور كل يصادم أو يصطدم بأسلوبه، فقال دكتور مصطفى عطية جمعة: «ان كنت أردت تفجير اللغة فلا يتم ذلك الا بوعي وفهم، ولا يأتي نتيجة جهل بها أو الاستهزاء بدورها، ان النصوص التي قدمت أقرب للتهويمات النثرية، في بعضها تدفق لغوي واكتمال للرؤية مثل نص الغياب»، ورد الخلف: «الحقيقة أنني لم أفكر في تفجير اللغة ولا غير ذلك، ان أعظم وظيفة للشعر عندي أن يكون مسليا للكاتب».
وعقب الشاعر الصحافي مختار عيسى قائلا: «انني أتقبل تجربتك وأتقبلك بمنطق التجاور، واختلاف الذائقة أمر محمود، ووجود الآخر معناه المغايرة لذا أحيي اختلافك لكن ما استفزني أنك تكتب شعرا وأنت تهتك اللغة في غير مكان، اللغة أساس الابداع، والشعر ابداع داخل اللغة».
فرد قائلا: «لاآبه للعربية كثيرا، وأتمنى أن نكتب باللاتينية، فلغتنا متخلفة في كل مسائلها التي لم يحدث لها أي تطور؛ لكني للأسف لا أجيد الا العربية».
وعلق الناقد فهد الهندال: «الشعر حالة انسانية تختلف باختلاف الشاعر ورغبته أن يتحدث عن تجربة دون سواها، ولغة الشعر لغة غير خطابية وهذا ما وقعت فيه بالاضافة الى خروج بعض المفردات عن احتشامها وهذا ما أتحفظ عليه». وأجاب التخلف: «ألفاظ العربية كلها واحدة محتشمة كانت أو غير محتشمة... هذه طهرانية زائدة، أنا لم أخترع ألفاظا، وفي اعتقادي أن النص اذا يهدف للوصول بالمتلقي لحالة القرف ونجح النص في توصيله لهذه الحالة فقد أبدع الشاعر».
أما الشاعر والصحافي محمد النبهان علق قائلا: «ليس لدي أي تحفظ على أي فكرة في الشعر، ولكن أن تصرح بأنك لا تؤمن بالشعر ولا بالعربية ولا الشاعرية هذا ما يجعلني أسأل: لماذا تكتب بالعربية اذاً؟»، وأجاب: «لا أومن بقواعدها نحوا واملاء، أما الذخيرة اللغوية فهي خبرة كتابية، وما حاجتي للدقة اللغوية في الكتابة؟ هذه مهمة المدقق اللغوي، فليس لدي ولع باللغة العربية».
وأردفت الاعلامية نسرين طرابلسي: «ربما تريد أن تقلد المدرسة الطبيعية في الأدب، وما أتيت به ليس اختراعا ولا جديدا على الساحة الأدبية، لكن اللغة موسيقا، والشعر منبر»، فقال: «أنا لا أبحث في جمالية القبح، ولا يزيد الأمر أهمية عندي أن يكون اكتشافا جديدا أولا، هذا شيء أكتبه بنزق شديد فقط لأحقق الصدمة».
وعقب الكاتب كريم الهزاع: «شعرت أن هناك قهرا ما يعاني منه الخلف، وهناك وصاية ورثناها جميعا عبر التاريخ بين حلال وحرام، وصواب وخطأ، ان عفوية خلف واضحة»، وجاء سؤال الشاعر الصحافي دخيل الخليفة: «بما أنك مقيم في الخليج، كيف تفاعلت مع التجربة الخليجية المجايرة لتجربتك؟ وأين الجيل التسعيني في سورية والذي قيل عنه أنه جيل مغيب، فهل هذا التغييب لكسل منه أم لأسباب أخرى؟
ورد الخلف: «أنا من الرقة... من الجزيرة السورية التي لا تختلف كثيرا عن الخليج، فليس لدي ما أضيفه؛ فلكل بلد مشاكله، أما لجيل التسعينات وسورية، فما عاد في سورية شعر أصلا، من الثمانينات؟ الى الآن تم حصر 180 شاعرا فقط، ولا يوجد في سورية امكانية تنظيم أمسية أو مؤتمر يظهر الشعراء».
وعلقت القاصة مايا عبارة: «في المقاطع الخاصة بالكائنات لمست روح القصة، وكانت الفكرة مدهشة أما مفرداتك فأفقدتها الدهشة، عندك خيال رائع، وتملك مقومات الكاتب الجيد ولكن أن تحيل لغتك للمدقق اللغوي» هذا... ونحن؟ اذ نرى تجربة الخلف في جانب منها يستحق الوقوف حده بتأمل وروية، نرى أيضا جوانب أخرى فيها تحتاج الى اعادة النظر، ويبقى في النهاية رحابة سموات الابداع التي تجمع كل مختلف وجديد، لتثبت في النهاية أن الائتلاف في الاختلاف وليس العكس.
* كاتبة وشاعرة مصرية
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي