للمرة الأولى في تاريخ الكويت السياسي تحاط فترة الحملة الانتخابية بنمط تتدلى منه خيوط سور هادئة، إذ إن الأجواء تبدو معتدلة بعد عبور بوابة التشاوريات في الدائرتين الرابعة والخامسة من دون أحداث وتداعيات، كما كان الحال في انتخابات 2008، وهي بادرة تشكر عليها الحكومة، باستثناء استدعاءات أمن الدولة، ولو أن فوائدها أكثر.
صار الطرح هادئاً نوعاً ما، والشارع الكويتي صار يبحث عمن يخدمه في الدائرتين الرابعة والخامسة، دائرتي التحالفات، بينما ثقافة الدوائر الأخرى مختلفة لاختلاف أيديولوجية القاعدة الانتخابية التي هدمت سور الحاجز النفسي بينها
وبين التغيير مع تحفظنا
على فكرة التغيير لمجرد التغيير، واللبيب من الإشارة يفهم.
في الدوائر الأولى، الثانية والثالثة تظهر بعض التحالفات والتكتلات «تفركش»، بعضها بشكل مغاير في خياراتها للمرشحين، وبات الجميع يبحث في لغة الأرقام التي «لا تكذب الغطاس»، فالذي يستطيع الاستحواذ على الرقم الأكبر من القاعدة الانتخابية يصل إلى مجلس الأمة، والتوجه، عموماً، في هذه الدوائر مبني على الشخصية الوطنية، وقد تتأثر بالتغيير الذي تشهده الدائرتان الخامسة والرابعة، مع اختلاف الكم والكيف في هذا التغيير، إذ إنه لكل دائرة خصوصيتها... وبعضها، كما قيل، «إما بشيم أو قيمة!».
وبعد أن لمسنا تجاوب الشارع الكويتي مع خطاب صاحب السمو الأمير حفظه الله ورعاه، نتمنى أن يكون التشكيل الحكومي مختلفاً ومبنياً على ضرورة وجود التفكير الاستراتيجي، الذي يسهل المهمة بين السلطتين ويبعد حالة الاحتقان التي لازمت المجالس السابقة، وأن تأتي المبادرات منها بمشاريع ذوات جدوى حقيقية ومقترنة بجدول زمني للتنفيذ، إضافة إلى سعة الصدر المطلوبة تجاه النقد البناء.
إننا طالبنا بالتغيير الفكري وليس التغيير لمجرد التغيير، وقد تحتاج بعض الدوائر الى بضعة أعوام للانتقال من التغيير النسبي إلى التغيير النوعي الذي يجعل خدمة الوطن في المقام الأول! والظاهر أن المرأة ستدخل مجلس الأمة بعد أن شعر البعض في رقي طرح بعض المرشحات، وهذا ما ستكشفه الأوراق المؤشر عليها في صناديق شفافة، وهنا نرجوا من المولى عز وجل أن يتم فرزها بشفافية تامة.
إذاً، الجميع طالب بالتغيير، وانكشفت الأقنعة، وبرزت حالة القلق ملازمة لبعض المرشحين وعودة النواب السابقين إلى المجلس، فالقرار هو لجميع الناخبين والناخبات، ولا سلطان عليهم في أخذ القرار لمن يصوتون له: فهل تصل الكفاءات، بغض النظر عن مخرجات التشاوريات «ما هقوتي» والله أعلم؟ وهل يأتي لنا مجلس مختلف بنواب تهدئة يحسنون التعاطي مع القضايا المطروحة بشكل متزن، بعيداً عن الصراخ، وبلغة حوار عاقلة؟ وهل تأتي لنا حكومة بخطة عمل استراتيجية مرتبطة بجدول زمني لتنفيذ المشاريع؟ والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]