يبتلي الله عز شأنه الإنسان ليتعظ ويوازن ردود فعله، حسب ما هو مذكور في الكتاب والسنة، ورغم أن الدراسات الاجتماعية والإدارية ركزت على أهمية محاربة الفساد المعنوي فإنها لم تجد ضالتها في مجتمعاتنا الإسلامية التي تطرق إليها الدين الإسلامي بإسهاب، ولكننا وبعد أن فقدنا الصلة بتعاليم ديننا وجدنا الفساد بشتى أنواعه متفشياً في مجتمعاتنا. والقيادة المعنوية المحفزة التحويلية هي الداعم الأساسي للتحول من حال إلى حال أفضل، والشواهد تدل على أن مجتمعاتنا مع الأسف خارج إطار مفاهيمها من الناحية التطبيقية، لأنهم يقرأون ويحضرون ورش العمال الخاصة بها، ولكن عند التطبيق يواجهون العراقيل المعنوية التي تجعل مناخ العمل غير صالح للإنتاج والتطور.
ظهر لنا النائب مسلم البراك بشموع الحرية كتعبير معنوي عن تضامنه مع النائب السابق الدكتور ضيف الله بو رمية المحتجز في أمن الدولة لسبب معنوي ترك أثراً سلبياً و...
مبدأ الشموع هذا قد استورد من بلاد الكفر، ولم نستورد مفاهيمهم الأخرى في التعامل السياسي والاجتماعي والثقافي عموماً، وأصبحت العملية انتقائية فرعية «شكلية»... فما هو المخرج الحقيقي من هذه المعضلة التي يواجهها مجتمعنا؟
إن الفساد سببه تجاوز الفرد للسلوك السوي المعمول به حسب ثقافة المجتمع وفي العمل اليومي يظهر عندما يقوم الفرد بمخالفة اللوائح والنظم الإدارية على نحو أخلاقي سيئ... لذلك نجد العلاقة وثيقة بين الفساد والأخلاق القيادية، فالأخلاق حددت صفات معينة كالصدق، النزاهة، الأمانة، وجدير بالثقة، واجب توافرها في الفرد ليقود نفسه إلى السلوك القويم، والمسؤول ليعمل ويوفر مناخ عمل صحيا يدفع نحو الإنتاجية المتصلة مع معنويات العاملين.
في الكويت، تسن القوانين بشكل إبداعي نوعاً ما، ويقف بعضها معطلاً لسبب أخلاقي «أخلاقيات القيادة» لعدم وضوح الرؤية والشخصانية في بعض الأحيان.
مما تقدم، نجد عملية الإصلاح تتدحرج ببطء شديد والحواجز كثيرة وبالإمكان حصرها ومحاربتها، ولكن في المقابل لابد أن نبدأ بحجب المناصب القيادية عن الشخصية التي تستقي مفاهيمها من منظور شخصي تحركه المصالح الضيقة والعلاقات غير المرئية لا يستحق أن يقود، فالكويت بحاجة إلى عمل جماعي مبني على احترام القانون طبعاً.
وبالعودة إلى شموع النائب مسلم البراك نتمنى على الجميع تفهم العوامل التي أوصلت المجتمعات المتطورة إلى حال الازدهار والقيادة النشطة على جميع المستويات الصحية، الإسكانية، التعليمية، الاقتصادية والخدماتية... فهم في عالم مختلف أخذنا منه الحرية والديموقراطية وطبقها البعض على نحو خاطئ وتركنا أجمل ما في تلك المجتمعات.
عموماً، البلد بحاجة إلى معالجة للقضايا والاهتمام بالفسادين المعنوي والإداري من منظور حيادي رأفة بالبلاد والعباد، فمتى ما وجد المناخ المعنوي الصحي والنظام الإداري السليم والقيادة الأخلاقية الصحيحة نستطيع عندها النهوض بالبلد. والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]