د. عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / بين الدستور والفتاوى الشرعية

تصغير
تكبير
قرأت كما قرأ غيري بعض المقالات والتصريحات التي تعارض لجوء أعضاء مجلس الأمة وبعض لجانه إلى لجنة الفتوى الشرعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لتأخذ الرأي الشرعي الرسمي في قوانين لا تزال قيد الدراسة، ويرون أن اللجوء إلى الفتاوى فيه «ردة» إلى الوراء، و«كفر» في المنهج الديموقراطي لدولة مدنية تعتمد الدستور منهجاً!
أيها المحافظون على نصوص الدستور؛ لنناقش الموضوع بهدوء وبعيداً عن التشنج، وليكن «الدستور» و«مذكرته التفسيرية» مرجعينا اللذين لا نختلف عليهما لبحث هذه المسألة، فماذا قرر الدستور؟ وماذا أكدت مذكرته التفسيرية؟
تنص «المادة 2» من الدستور على أن: «دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع». كلام واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار!

ورغم وضوح «المادة 2» من الدستور؛ جاء في المذكرة التفسيرية ما يزيدها وضوحاً لمن كان «أعشى» العينين: «لم تقف هذه المادة عند حد النص على أن (دين الدولة الإسلام)، بل نصت على أن الشريعة الإسلامية - بمعنى الفقه الإسلامي - مصدر رئيسي للتشريع، وفي وضع النص بهذه الصيغة توجيه للمشرع وجهة إسلامية أساسية دون منعه من استحداث أحكام من مصادر أخرى في أمور لم يضع الفقه الإسلامي حكماً لها».
لنأخذ نفساً عميقاً الآن، ونكمل نص المذكرة التفسيرية للمادة الثانية من الدستور: «كما يلاحظ بهذا الخصوص أن النص الوارد بالدستور - وقد قرر أن (الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع) - إنما يحمل المشرع أمانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ما وسعه ذلك، ويدعوه إلى هذا النهج دعوة صريحة واضحة، ومن ثم لا يمنع النص المذكور من الأخذ عاجلاً أو آجلاً بالأحكام الشرعية كاملة وفي كل الأمور، إذا رأى المشرع ذلك».
«التأفف» و«التحسر» و«التأسف» بسبب لجوء بعض الساسة إلى الفتاوى الشرعية الرسمية بعد هذا الوضوح يعتبر «ردة» دستورية و«كفراً» بالديموقراطية، إلا إذا كان الهوى هو المرجع؟ فلا مكان للعقل حينئذ! رفعت الأقلام وجفت الصحف.
في الأفق:
قال جبران خليل جبران: الحق يحتاج إلى رجلين... رجل ينطق به ورجل يفهمه.
د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي