علي غلوم محمد / نريد الاعتدال في عالم متغيّر... ثانياً

تصغير
تكبير
لا نريد أن نقول ان التطرف، والمغالاة، والتعصب، والإرهاب، وتبني الأفكار العتيقة، ليس لها وجود، هذا ما انتهينا إليه في مقالنا السابق، ونقول بل على العكس له وجود وتأثير، ولكنه محدود في خضم التيار العام الذي من أخص صفاته الاعتدال، ونبذ التعصب والتحجر، والعجيب حقا ومع كل ما يعرض للعالم من تغيرات فمازال العالم العربي يعج بالافكار والرؤى المغرقة في التراث، والنزوع الشديد إلى تبني التصورات السلفية البالية.
ان فكرة القومية العربية، التي كثيرا ما كانت تطرحها وبإلحاح أدبيات وخطابات الكثير من مفكري هذه الأمة، قد تعرضت إلى هزيمة قاسية وتراجعت إلى حد كبير، فمثلا هذه الفكرة وبوصفها حركة سياسية قد تهاوت وسقطت بادئ ذي بدء حين انحلت فكرة الوحدة المصرية - السورية، وحين هزمت الامة عام 1967، وحين غزا العراق الكويت، أضف الى ذلك ان الدول التي رفعت هذه الشعارات تكشف وجهها عن أنها دول ديكتاتورية وقمعية، بل لا تؤمن بالحد الأدنى من المصالح العربية المشتركة، فضلا عن أولويات الأخلاق، مع هذا كله فمازال بعض السذج يترنم بهذه الفكرة على نحو نستولوجي، وبشكل غير واقعي يغفل حقائق الجغرافيا والاستراتيجيا، ومبادئ الجيوبولتيك، ومصالح القوى الكبرى التي لا طاقة لنا في التصدي لها في مرحلة الانهيار هذه، وكذا بعض قواعد القانون الدولي التي لا تتفق مع هذا الطرح، ان ما ينبغي ان يسود الساحة السياسية العربية هو النهج العلمي الواقعي الذي يعّول على المصلحة، والعقلانية والديموقراطية وان تتحول مصادر الشرعية من مبدأ العنف الثوري إلى مبدأ التأييد الشعبي. هذا وان طبيعة العصر الذي نعيشه انه عصر متغير دوما، فكل دقيقة، بل وكل ثانية يستجد أمر ويتغير شيء بل في كل آن هو في شأن، فكل يوم فكرة جديدة بل وكل يوم رأي جديد، بل وان العالم المتقدم عبر مفكريه وفلاسفته، كما نقرأ في كتبه ومجلاته أعاد النظر في الكثير من القضايا والنظريات والأفكار، بل ويطرح اعادة صياغة هذه الامور.
علي غلوم محمد

كاتب كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي