في أي دولة من دول العالم تمتلك وزارة الإعلام أكبر عدد من المثقفين، والمفكرين، وأصحاب الإبداع الأدبي والفني، وذوي القدرات في التطوير والتجديد المطعم بالسبق في عالم يمضي بسرعة الضوء.
والكويت كان لها وزارة إعلام رائدة في كل وسائلها على دول الخليج إذا ما قورنت بباقي حضارات الدول العربية كمصر، وسورية والعراق، ولبنان، ولكن ما آلت إليه الحال بعد خمسين عاماً لا يسمى تطورا بقدر ما هو تدهوراً بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
لهذه الوزارة ثلاثة أدوار وسرداب وأنفاق وللأسف داؤها أعضاؤها... في الدور الأول يتمرغ أصحاب القرار، الذين قطعت بهم الاتصالات نظراً لسوء الحالة الجوية، والتي عادة ما تتمخض عن عاصفة تذهب ببعض الكراسي المذهبة.
الدور الثاني تعشش فيه البطانة الأساسية (المتكلم الرئيسي بأسماء أصحاب القرار) والتي عادة ما تكون موصلا رديئا جدا للشحنات الإبداعية، والتي لا تستمد قوتها سوى بوجود عوامل مساعدة منتشرة بطبيعة الحال هنا أو هناك!
الدور الثالث للطبقة المثقفة ثقافة قرطاسية مدبلجة تتذبذب بمجرد تعرضها للهواء النقي، وتنتهج السمع والطاعة العمياء وبلا مراجعة.
السرداب... يقطنه من عفى عليهم الزمن، ومن أحالتهم للتقاعد المناقشات العقيمة من ذوي المذاهب، وذوي الحق الإبداعي فأجهضت كل محاولاتهم للاصلاح... تركوا المناصب، المال، احتضنوا أملاً بوجود تعديل نافع أدبياً وتقنياً قبل أن ينفعهم مادياً...!
أما إذا ما أتيت إلى الأنفاق فافترش الظل واختر...!
كل المغضوب عليهم من جميع المسميات ومختلف المناصب، ولا يجوبها ويقطنها سوى كل ما تنفس اللا عن قناعة للاستهتار بعقول الآخرين، والضحك على الذقون بميزانيات ضخمة وأعمال هشة، وكل من امتهنوا الـ «كلا»... «كلا» لإهانة الثقافة والذوق العام، كل من آمن بمستحيل أن أعظم تاريخ ثقافي لهذه الدولة والذي بني بعرق آلاف المثقفين والجادين وأصحاب القرار يوم كانت الكويت تفتقر إلى الكهرباء والماء...!
أصبح اليوم الإعلام مهنة من لا مهنة له، وتنفيع مصالح لموظفين بوزارات أخرى.
استغاثة من أعماق الأنفاق لكل من يعتلي منبر المسؤولية إما أن تدعو الشرفاء ليتسلموا تعديل الوزارة، وإما تفضلوا بحضور جنازة الوزارة حيث سيوارى جثمانها الثرى قريباً.
فاطمة حسين العلي