تركي العازمي / المديونيات ومبدأ المساواة!

تصغير
تكبير

وقفت الحكومة في وجه قضية شراء مديونيات المواطنين بعدما خلطت الأوراق وعادت إلى النائب باقر وزملائه في اللجنة المالية والاقتصادية.

في تلك الجلسة المشهودة دخلت الحكومة بالرغبة السامية في دفع 300 مليون دينار لمعالجة ديون المعسرين وزيادة الخمسين ديناراً متجاوزة جدول الأعمال لتختلط الأوراق، وقد رجح كفة الحكومة عند التصويت على إعادة المديونيات نواب التكتل «الشعبي» أحمد لاري، أحمد السعدون وعدنان عبدالصمد، إضافة إلى أحمد الشحومي، وهو تكتيك بارع، ولكن كيف تم التصويت على طلب الحكومة؟

للعلم فإن زيادة الخمسين ديناراً لمن يقل راتبه عن 1750 ديناراً فيه عدم مساواة بين المواطنين ويذكرنا بقانون دعم العمالة الوطنية في القطاع الخاص الذي حدد في بداية تطبيقه سقف الراتب بألف دينار، ليكتشف النواب في ما بعد عدم العدالة في تطبيقه لتعود بعدها العلاوة للجميع من دون سقف! فإذا كان مبدأ المساواة هو المحك الرئيسي ونقطة الارتكاز الذي انطلقت منها أسباب رفض الحكومة وبعض النواب حتى في قضية المديونيات، فأين هم من الأحداث السابقة، وتحديداً قضية المديونيات الصعبة؟

نرى أن النواب عليهم على الأقل تفعيل مبدأ المساواة في زيادة الخمسين ديناراً ورفض سقف الراتب المحدد والعمل على حث الحكومة في الاستعجال بموضوع زيادة الرواتب ومقارنتها برواتب العاملين في دول الخليج العربي بعد قرارات قمة الدوحة الأخيرة التي طالبت بالمساواة بين مواطني دول مجلس التعاون الخليجي.

إن المواطن لا يلجأ إلى الاقتراض إلا لأسباب مقنعة دفعته إلى تحميل نفسه ما لا يطاق في ظل انعدام التزام البنوك لتعليمات البنك المركزي الذي يعتبر مقصراً من الناحية الرقابية.

إن فتح قنوات التمويل المالي عن طريق القروض وجدولتها بالفــــــــــــوائد الربوية أو الأرباح دفعت المحتاج إلى قبــــولها على مضض، حتى وصل الوضع إلى حد شكل أزمة بين النواب المؤيدين لإعادة جدولة الديون أو غيرها من الحلول والحكومة من الجهة الأخرى.

بالنسبة إلى القروض ونعني هنا المعسرين فقط الذين دفعتهم الظروف إلى الاقتراض بداعي العلاج أو لأسباب متعلقة بالغلاء الفاحش الذي تعاني منه البلاد فهم من أبنائنا ومشكلتهم بحاجة إلى معالجة نفسية تبحث في الأسباب التي دفعتهم إلى الاقتراض، وقد يكون المواطن الذي عرض كليته للبيع، حسب ما نشرته جريدة «الراي» أخيراً، أحد الضحايا.

أما المقترضون لأسباب غير ملحة تهدف إلى إشباع النفس البشرية من وسائل الرفاهية وخلافها من الكماليات غير الملحة فهم قد سقطوا ضحايا مقدمي القروض ويعانون من مشاكل بحاجة لمعالجة نفسية واجتماعية من منظور آخر.

إنها المساواة التي نبحث عنها وندعو علماء النفس والاجتماع وبدعم من المحللين الماليين إلى تحديد فئة المعسرين كي تكون آلية التطبيق عادلة.

إنها ورب العزة والجلالة لمعضلة حقيقية وهموم إخواننا وأخواتنا ممن كوتهم نار القروض بنارها بحاجة إلى معالجة فورية، كي لا يقع في فخها من هم على شفا حفرة القروض التي من يهوي فيها لا يستطيع الخروج... والله المستعان!


تركي العازمي


كاتب ومهندس كويتي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي