د. جلال محمد آل رشيد / الحكومة والمجلس... وجلسة ذوي الاحتياجات

تصغير
تكبير

لسنا في حاجة إلى تذكير الشعب الكويتي الواعي، والمتدين تدينا فطرياً بطبعه، بأهمية فئة ذوي الاحتياجات الخاصة في أي مجتمع إنساني لديه حس حضاري راقٍ، وتدين فطري حقيقي، فالمجتمع، أي مجتمع، إذا لم يقم تلقائيا بحماية الشريحة ذات الظروف الصحية الخاصة، فإن هذا المجتمع يمكن وصفه بالغباء، وليس بالظلم فقط. لماذا؟ لأن الجميع معرض، كل يوم، بأن يصبح من ذوي الاحتياجات الخاصة.

التشريع الموجود حاليا لحفظ حقوق «المعاقين Disables»، وليس حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (حسب المصطلح المستخدم في التشريع نفسه!)، هو تشريع لا يحمي «المعاقين» بشكل فعال أساسا، كما أن الحكومة نفسها لا تعمل بموجب نصوصه الحالية الناقصة، فهناك مواد في هذا التشريع لا تعترف بها الحكومة أصلاً، مع أن القانون المذكور ممهور بتوقيع الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد (رحمه الله).

كما أن هناك قرارات حكومية صدرت بموجب القانون المذكور لا تعمل بها غالبية الجهات الحكومية والأهلية، مثل قرار أحقية «المعاق» في الحصول على الخدمات الحكومية والأهلية، إذ إن الجهات الحكومية المختلفة، باستثناء وزارة الداخلية التي تقوم بتطبيق هذا القرار الحكومي، أقول بأن غالبية الجهات الحكومية لا تعترف بهذا القرار، والموظفون الذين يطبقونه، بشكل شخصي منفرد، لا يطبقونه لأنه قرار حكومي، ولكنهم يطبقونه بسبب سلامة ذوقهم الإنساني، فهم يرددون بشكل واضح بأنهم لا يتلقون أي تعليمات محددة من وزاراتهم التي يعملون فيها تطالبهم بتطبيق قرار أولوية حصول «المعاقين» على الخدمات الحكومية والأهلية! فصباح الخير يا مجلس الوزراء، ويا وزير الشؤون!

أما الجهات الأهلية، مثل البنوك، التي تدخل معها جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة في مناقشات جادة تطالبهم فيها بضرورة تطبيق القرار الوزاري الصادر بهذا الشأن، والذي ينص على أحقية حصول «المعاق» على الخدمات الأهلية والحكومية، فإنهم يرفضون تطبيق هذا الأمر! ومَن يستطيع أن يلومهم؟ إذا كانت حكومتنا نفسها ترفض تطبيق قراراتها في وزاراتها!

هذه نماذج بسيطة، والموضوع متشعب وفيه تفاصيل كثيرة، فالمؤسسات الحكومية مثلا، ترفض تخفيض ساعات العمل عن ذوي الاحتياجات الخاصة، وعن أهالي الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، من غير أدنى إحساس بالجانب الإنساني للموضوع! والحكومة ساكتة! والمجلس ساكت! لا بأس إذًا، انشغلوا في أموركم التجارية!

مطالبات كثيرة تقدم بها أعضاء من المجلس تجاه قضايا ذوي الاحتياجات، ولكن أياً من أولئك الأعضاء لم يحب أن يضفي على مطالبته صفة: الاستعجال!

حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة تضيع، والحكومة مشغولة عن أبنائها، والمجلس لا يعتبر ذوي الاحتياجات الخاصة قضية حقيقية! لدرجة أن نفس هذه الحكومة التي تتكلم عن ما تسميه بـ «العدالة والمساواة» في أمور أخرى، نجدها تقوم عبر وزارة الشؤون، بإصدار قرار يقوم بالتفرقة بين «المعاقون»! فذوو الاحتياجات الخاصة الذين تصنفهم الحكومة «معاقين إعاقة شديدة» يصرف لهم «مجلس المعاقين» مكافآت شهرية، وذلك لمن دون سن الثامنة عشرة منهم، أما ذوو الاحتياجات الخاصة الذين تصنفهم الحكومة على أنهم «معاقون إعاقات خفيفة» فإنهم يُحرَمون من هذه المساعدات، بما يخالف العدالة والمساواة بين ذوي الاحتياجات الخاصة، من غير أن تعترض وزارة الشئون أو مجلس المعاقين أو مجلس الأمة!

الحكومة نفسها من جانب، والكتل البرلمانية في المجلس من جانب مُقابِل، ستمران أمام اختبار صعب يوم السادس من مارس في العام المقبل، ستكونان أمام محك حضاري مهم، فهناك اقتراحات متعددة، وعلى المجلس، لا سيما لجنة «المعاقين» فيه، مسؤولية تنسيقها وترتيبها في صيغة قانون متكامل، ينصف «ذوي الاحتياجات الخاصة» في الكويت، ويعيد لهم حقوقهم المسلوبة، ويزيد امتيازاتهم والتسهيلات التي تُقدم لهم من الدولة، مراعاة لظروفهم الصحية الخاصة. فماذا سيحصل في جلسة ذوي الاحتياجات الخاصة في مارس 2008؟

 (ملاحظة: ننشر هذه المقالة قبل موعد الجلسة بشهور طويلة جدا، لكي لا يقول أحد وقتها بأنه لم يستعد لها جيداً لضيق الوقت!).


د. جلال محمد آل رشيد


كاتب وأكاديمي كويتي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي