يحكى أن رجلا اخبره الاطباء بأنه لم يتبق له إلا اياما معدودة في الحياة، فبدأ بالتصرف الغريب بدلا من استغلال ما تبقى من حياته في عمل الخير، فأخرج جميع نقوده من البنك واخذ ينفقها دون حساب، وطلق امرأته وتشاجر مع جميع اصدقائه، وعندما علم بأن كلام الاطباء لم يكن صحيحا كانت حياته قد تدمرت بالفعل ولم ينفعه الاستدراك!
يبدو بأن التهديد المستمر بقرب حل مجلس الامة حلا دستوريا او غير دستوري له تأثير هستيري على بعض نواب المجلس، حتى اصحاب الرأي منهم، فبدلا من ان يجعلهم يزينون كلامهم وخطواتهم ليتجنبوا الحل وينقذوا مسيرة المجلس مما اعتراها، تجدهم قد اصبحوا يتسابقون على فعل الاعاجيب استعدادا لمرحلة ما بعد الحل ومن اجل كسب المزيد من الشعبية التي تؤهلهم للفوز في اي انتخابات مقبلة، فتارة يتسابقون على اقرار قوانين تكلف ميزانية الدولة مليارات الدنانير مثل اسقاط القروض عن المواطنين لأن تحقيق ذلك الهدف يشكل لهم قفزة الالف ميل، فمن سينسى «روبين هود» الذي انتزع اللقمة من فم الاغنياء ليطعمها الفقراء؟! وتارة يتسابقون على استجواب كل من تبدر منه غلطة من الوزراء حتى ولو كانت كلمة قالها بالخطأ او قرار اداري لا يتعدى نقل موظف من ادارته إلى ادارة اخرى، وقد تبين بأن وحش الشاشة في المجلس الذي يستقطب انظار المشاهدين جميعا هو الذي يقدم الاستجواب الاكبر لرئيس مجلس الوزراء وهكذا.
ونحن الناخبين قد اصبح تقييمنا لمدى نجاح النائب لا ينصب على ما يقدمه من مشاريع قوانين مفيدة للبلد ولا بأدائه المتميز في اللجان ولا بالمراقبة البرلمانية العقلانية ولكن بحجم صراخ النائب ولفته للانظار، وبقدر ارغام انف الوزراء في التراب وصراخه الكبير في المجلس، وكأنما نحن في مباراة للمصارعة الحرة نصفق للقوي مفتول العضلات، بل اصبحنا نشعر بالشفقة على النائب العاقل المؤدب الذي يتمتع بالمصداقية في تعامله مع الحكومة ومع بقية النواب ولا يعارض من اجل المعارضة، ونقول في انفسنا: هذا النائب مجنون لأنه يحرق جميع اوراقه ومتى تم حل المجلس فليس له امل في الرجوع اليه لأنه لا يملك اي رصيد شعبي.
وللأسف ان الذين يرددون عبارات حل المجلس في كل شاردة وواردة - وكأنما هم يحذرون الاطفال من «الطنطل» او «حمارة القايلة» كما حذرنا الآباء وزرعوا في نفوسنا الخوف من كل شيء، للأسف انهم لا يدركون بأن هذا التهديد قد يكون هو احد اهم اسباب الفشل والتعثر للمجلس، فمن يريد ان يكون نائبا مثاليا محبا لبلده ثم يجد نفسه اول ضحية لحل المجلس وتخلي الحكومة عنه؟!
في تصوري يجب التوقف عن تخويف المجلس بالحل فإن معالجة الوضع ستكون مستحيلة بعد فترة من الزمن.
د. وائل الحساوي
wae_al_hasawi@hotmail.com
يبدو بأن التهديد المستمر بقرب حل مجلس الامة حلا دستوريا او غير دستوري له تأثير هستيري على بعض نواب المجلس، حتى اصحاب الرأي منهم، فبدلا من ان يجعلهم يزينون كلامهم وخطواتهم ليتجنبوا الحل وينقذوا مسيرة المجلس مما اعتراها، تجدهم قد اصبحوا يتسابقون على فعل الاعاجيب استعدادا لمرحلة ما بعد الحل ومن اجل كسب المزيد من الشعبية التي تؤهلهم للفوز في اي انتخابات مقبلة، فتارة يتسابقون على اقرار قوانين تكلف ميزانية الدولة مليارات الدنانير مثل اسقاط القروض عن المواطنين لأن تحقيق ذلك الهدف يشكل لهم قفزة الالف ميل، فمن سينسى «روبين هود» الذي انتزع اللقمة من فم الاغنياء ليطعمها الفقراء؟! وتارة يتسابقون على استجواب كل من تبدر منه غلطة من الوزراء حتى ولو كانت كلمة قالها بالخطأ او قرار اداري لا يتعدى نقل موظف من ادارته إلى ادارة اخرى، وقد تبين بأن وحش الشاشة في المجلس الذي يستقطب انظار المشاهدين جميعا هو الذي يقدم الاستجواب الاكبر لرئيس مجلس الوزراء وهكذا.
ونحن الناخبين قد اصبح تقييمنا لمدى نجاح النائب لا ينصب على ما يقدمه من مشاريع قوانين مفيدة للبلد ولا بأدائه المتميز في اللجان ولا بالمراقبة البرلمانية العقلانية ولكن بحجم صراخ النائب ولفته للانظار، وبقدر ارغام انف الوزراء في التراب وصراخه الكبير في المجلس، وكأنما نحن في مباراة للمصارعة الحرة نصفق للقوي مفتول العضلات، بل اصبحنا نشعر بالشفقة على النائب العاقل المؤدب الذي يتمتع بالمصداقية في تعامله مع الحكومة ومع بقية النواب ولا يعارض من اجل المعارضة، ونقول في انفسنا: هذا النائب مجنون لأنه يحرق جميع اوراقه ومتى تم حل المجلس فليس له امل في الرجوع اليه لأنه لا يملك اي رصيد شعبي.
وللأسف ان الذين يرددون عبارات حل المجلس في كل شاردة وواردة - وكأنما هم يحذرون الاطفال من «الطنطل» او «حمارة القايلة» كما حذرنا الآباء وزرعوا في نفوسنا الخوف من كل شيء، للأسف انهم لا يدركون بأن هذا التهديد قد يكون هو احد اهم اسباب الفشل والتعثر للمجلس، فمن يريد ان يكون نائبا مثاليا محبا لبلده ثم يجد نفسه اول ضحية لحل المجلس وتخلي الحكومة عنه؟!
في تصوري يجب التوقف عن تخويف المجلس بالحل فإن معالجة الوضع ستكون مستحيلة بعد فترة من الزمن.
د. وائل الحساوي
wae_al_hasawi@hotmail.com