تجاوزت رسوم الدراسة في الكثير من المدارس الخاصة، مصروفات الجامعة المحلية والعالمية، علماً بأن الواقع الميداني يؤكد أن هذه المدارس لا تقدم خدمات تتناسب مع حجم هذه الرسوم.إدارة التعليم الخاص اعترفت على لسان كبار المسؤولين فيها أن بعض المدارس الخاصة تغرد على «مواويل» الإيثار، والأخوة والرؤية، وتكيل بمكيال الاستغلال المصلحي بمنظار مالي فقط، متناسية المبادئ التعليمية والتربية الدينية التي تنادي وتتشدق بها، وتمارس مع التلاميذ سلوكاً عنيفاً بعيداً كل البعد عن التربية الحقة.تجار التعليم يشوهون صورة الجادين من أصحاب المدارس الخاصة، والمرتزقة يحتالون على القانون، ولديهم أعوان تمسح لهم الجوخ من المسؤولين في التعليم الخاص، ويجب إعادة تقييم عملية تراخيص المدارس الخاصة، لأن الحصول على رخصة مدرسة أسهل من الحصول على رخصة بقالة حالياً، رغم عدم وجود مجال للمقارنة بين هذه الرخصة وتلك، إذ لا بد من وجود معايير عدة لمعالجة القضية من مراحلها الأولى، وعدم تركها حتى تتفاقم ثم نبدأ في العلاج، ولذلك يجب أن نضع ضوابط تنظم عملية فرض الرسوم الدراسية، وعدم ترك المجال أمام المدارس لتحديد الرسوم وفقاً لما تراه. ومما يثير الدهشة أن الرسوم الدراسية تبلغ من ألف دينار إلى أربعة آلاف دينار كويتي، ما عدا رسوم الحافلات والملابس والكتب، وهذا ما يجعل تلك المدارس تحقق أرباحاً خيالية.كما أن بعض المدارس الخاصة لا تلتزم بتطوير الكادر التدريسي، وتشجع المدرسين للعمل كمرتزقة من خلال الذهاب إلى المنازل لإعطاء الدروس الخصوصية، لغض نظر المدرسين للمطالبة بزيادة رواتبهم.عقدة الوجاهة تسيطر على الكثير من أبناء المجتمع، فهناك من أولياء الأمور حالتهم المادية لا تسمح بتدريس أبنائهم بالمدارس الخاصة، والقصد من ذلك التباهي بأن ابنه في مدرسة معينة رسومها مرتفعة، مع العلم أن هذه المدارس لم يحصل طلبتها على مراكز متقدمة في نتائج امتحانات نهاية العام، ولا تعتبر رسومها المرتفعه مقياساً للتفوق، وهناك مدارس ثنائية اللغة ومع هذا لا يتقن تلاميذها اللغة الانكليزية.قطاع التعليم الخاص، والتعليم عموماً، قطاع كبير يضم مجتمعاً متكاملاً له حركته الكبيرة والمؤثرة في الحياة اليومية للمجتمع، هذا القطاع ينتج أحداثاً واخباراً غريبة، وقد وصل الاستهتار بالمسؤولين المعنيين أن يتغاضوا عن المدارس الخاصة التي تتلاعب وتستغل المواطنين والوافدين برسوم الدراسة الخيالية، وتتخذ قرارات تعسفية ليست من صلب عملها وتحت سمع ومباركة التعليم الخاص.هذه الظواهر السلبية تستحق المتابعة من السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإذا أردنا أن نصلح التعليم، ونخرج الإخفاقات الخطيرة، فعلينا أن نخوض تجربة النقد الذاتي بأن نعترف بالتالي:أولاً: أن هناك مشكلة في نظامنا التعليمي والتربوي، وأننا نريد أن نتخطاها، أي أن نحدد نوع المشكلة. ثانياً: أن نفتح باب طرح المعضلات أمام الجميع، وفي مقدمتهم أهل الميدان، والطلاب، وأولياء الأمور، ولا ننسى القيادات السابقة ومعهم الخبراء الأكاديميون المحليون، فهؤلاء جميعاً يعيشون بالقرب من المشكلة ويعرفون تفاصيل الخلل كلها، وهم الأقدر على تشخيصها، وتقديم الأفكار والآراء التي قد تساعد على تجاوزها. فيصل فالح السبيعي
محام ومستشار جمعية الصحافيين القانوني