يقال إن هذا الحديث معقول، أو ان هذه الفكرة معقولة، فإذا امتلك المرء كوخاً في الحقيقة خير من قصر في الخيال، وكذلك النامي أفضل من الجامد، والعاقل خير ممن لا عقل له، والعاقل المتعلم أفضل من الجاهل، لذلك فإن العلم هو أشرف المعقولات، حسب نظرية الحصر المنطقي، والعلم كما قيل:
يرفع بيوتاً لا عماد لها
والجهل يهدم بيوت العز والشرف
ونرى أن الجبابرة، والطغاة، والظالمين إذا ما اعتدوا على أرضٍ، أو ديرةٍ فإن أول ما يعمدون إلى تخربيه هو صروح العلم، ومقاره، ومؤسساته، فها هو هولاكو عندما هجم فأملئ الأنهر من مداد العلماء، ودماء الناس، فقضى أول ما قضى على العلم والمتعلمين، وكذلك عندما أتى هولاكو إلى العراق فإنه دمر مدارس وطني، وقضى على مستلزماتها، وحاول أن يدكها، ولكن إصرار أبنائها أبى إلا أن تكون شامخة، فبادر المتعلمون إلى اقتناص العلم فحصلوا على ما فقدوه من العلم في نصف عام. وهكذا نرى في هذه الأيام جحافل الصهاينة وقد دمرت مدارس قطاع غزة فامتزجت أوراق الكتب بدماء طلابها، ودكت المدارس، وافترش التلاميذ الأرض من أجل الحصول على أشرف المعقولات، أصيب بعضهم باحتباس الكلام، وتعثر النطق نظراً للصدمات النفسية التي يعانون منها إلا أنهم أصروا على مواصلة التحصيل. فتباً للظلم والظالمين، وعسى الله أن يفرج عن أهل غزة وأبنائها حتى يسعون في طلب العلم بأمن وطمأنينة واطمئنان، فقطع دابر القوم الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين.


سلطان حمود المتروك
كاتب كويتي