| القاهرة- «الراي» |
/>«واحة الغروب»... رواية غلب عليها جو الحزن، لأنها تعكس حالة الإحباط التي تعيشها المجتمعات العربية، وقد حاولت أن أعبر عن هذه الحالة، ولم يكن من الممكن أن أقول عكس ذلك... لأن الكتابة هي نقيض الكذب، هكذا تحدث الروائي بهاء طاهر في شهادته بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ «41»... عن روايته التي حصل بها على جائزة «البوكر» العربية في دورتها الأولى العام الماضي.
/>بهاء طاهر غلف شهادته بحالة من اليأس... عندما أعلن أن الثقافة لم تعد لها أي قيمة في المجتمعات، وأن المثقفين الآن لا يلعبون أي دور، وأن من يقول عكس ذلك فهو كلام من قبيل العزاء وليس كلاما حقيقيا، وحدد في حديثه عن تجربته الإبداعية الأسباب التي أدت إلى تراجع الثقافة ودور المثقفين في مصر، قائلا: بدأت الكتابة في أواخر الخمسينات مع جيل تأثر بثورة يوليو ومن قبلها التراث القديم الذي تعلمناه من أسلافنا الكتاب العظام الذين لعبوا أكبر الأدوار في تطور المجتمع المصري.
/>وقال: يكفي أن أذكر أسماء مثل البارودي، وشوقي ومحمد عبده وقاسم أمين، ومعظمهم لعلماء دين من الأزهر كانوا جنبا إلى جنب مع كتاب علمانيين لتحقيق الحلم المصري بالاستقلال الوطني والعدالة الاجتماعية وتحرير المرأة، وكلهم عانوا أشد المعاناة ودفعوا الثمن وكانت نتيجة إصرارهم أن تقدم المجتمع.
/>وأضاف: هناك متغير فرض نفسه علينا، وهو النظام في يوليو، الذي طرح على الكتاب الشباب تحديات لم يعرفها أسلافنا... فقد كنا متحمسين لتوجهات الثورة من ناحية التركيز على البعد القومي والعروبي والعدالة الاجتماعية، وفي الوقت نفسه كنا نرفض التوجه الشمولي للنظام والقيود على حرية التعبير، وقد ظهرت هذه الازدواجية في أعمالنا، وتعرضنا لامتحان عندما اكتشفنا أن الثقافة نُحيت وأصبحت من جملة الرعايا الموجَّهة وليست الموجِّهة... ثقافة «نعم» تحظى بالجزرة و«لا» تحظى بالعصا.
/>وأكمل: كنا كتابا من اتجاهات مختلفة، وكان من الصعب تصنيف هذه المجموعة فكريا فأطلق علينا النقاد جيل الستينات، وكانت الغلبة في الكتابة وقتها للقصة القصيرة، فالكل كان يحلم بأن يكون يوسف إدريس... وعندما لم نتمكن تحولنا للرواية، ولكن على الرغم من هذا التنوع الكبير إلا أنه كانت هناك صعوبات كبيرة في النشر، خصوصا لمن كانوا بعيدين عن السلطة، للدرجة التي كان نشر قصة واحدة يعد حدثا كبيرا.
/>وفضَّل بهاء طاهر الحديث عن عنصر واحد فقط في تجربته الإبداعية، وهو اللغة، مشيرا... إلى أن النقاد تكلموا عن أن لغة هذا الجيل تحديدا وبالأخص بهاء طاهر فقيرة تخلو من كل زخرف بلاغي، وأنها عبارة عن جمل خبرية، وأنه في المقابل هناك من رأى أنها تؤسس للغة جديدة، وقال: عندما أفكر في ذلك الآن أكتشف أن جيلي كان حريصا على تجنب البلاغة الوصفية في الكتابة، وذلك لإيقاظ وعي القارئ ودفعه لبذل جهد موازٍ لجهد الكاتب.
/>وعلَّق بهاء طاهر على فكرة تقسيم الأدباء إلى عقود زمنية، وقال: إن الأدب لا يتطور مع السنين، فلا يوجد هناك أدب ستينات ولا سبعينات، ولكن الأحداث السياسية والاجتماعية هي التي تقود حركة التغيير في الأدب، فمثلا عاش جيلنا في مفترق طرق، بعد أن داهمتنا نكسة 1967 على الرغم من أن أكثر من كاتب كان قد نبه إلى أننا مقبلون على كارثة، لكن صيحات الاحتجاج ذهبت سدى، مع أننا لم نكن معادين للنظام،بل كنا ناقدين ونتمنى أن يتخلص من سلبياته، وأن تكون الثقافة هي أداة تقدم المجتمع، ولكن رد فعل السلطة كان عنيفا جدا على الاحتجاجات التي قمنا بها، لكن الغريب أن النكسة أتاحت لنا بعد ذلك الفرصة لأن نعبر عما بداخلنا، وأخرجنا مجلة «جاليري» 68، وهي التي تبلورت خلال ملامح الأدب الجديد في ذلك الوقت، وانتهى شهر العسل القصير بين المثقفين والسلطة بعد حرب 1973، واكتشف كبار المثقفين في ذلك الحين أنهم لم يعد لهم عمل واضطروا إلى أن يتركوا البلد، وفرض علينا نحن الأجيال الجديدة الصمت ثم الخروج من البلد، وقد تركت مصر، وفي المنفى كتبت «أبناء رفاعة»، وشرحت فيه التحولات العنيفة التي شهدتها مصر، حيث تم تفريغ البلد من المثقفين وأزيح قادة الفكر واستبدلت السلطة بهم الوعاظ الدينيين، والذين لم يكونوا مثل الشيخ محمد عبده، بل كانوا يركزون على الجوانب الشكلية.
/>
/>«واحة الغروب»... رواية غلب عليها جو الحزن، لأنها تعكس حالة الإحباط التي تعيشها المجتمعات العربية، وقد حاولت أن أعبر عن هذه الحالة، ولم يكن من الممكن أن أقول عكس ذلك... لأن الكتابة هي نقيض الكذب، هكذا تحدث الروائي بهاء طاهر في شهادته بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ «41»... عن روايته التي حصل بها على جائزة «البوكر» العربية في دورتها الأولى العام الماضي.
/>بهاء طاهر غلف شهادته بحالة من اليأس... عندما أعلن أن الثقافة لم تعد لها أي قيمة في المجتمعات، وأن المثقفين الآن لا يلعبون أي دور، وأن من يقول عكس ذلك فهو كلام من قبيل العزاء وليس كلاما حقيقيا، وحدد في حديثه عن تجربته الإبداعية الأسباب التي أدت إلى تراجع الثقافة ودور المثقفين في مصر، قائلا: بدأت الكتابة في أواخر الخمسينات مع جيل تأثر بثورة يوليو ومن قبلها التراث القديم الذي تعلمناه من أسلافنا الكتاب العظام الذين لعبوا أكبر الأدوار في تطور المجتمع المصري.
/>وقال: يكفي أن أذكر أسماء مثل البارودي، وشوقي ومحمد عبده وقاسم أمين، ومعظمهم لعلماء دين من الأزهر كانوا جنبا إلى جنب مع كتاب علمانيين لتحقيق الحلم المصري بالاستقلال الوطني والعدالة الاجتماعية وتحرير المرأة، وكلهم عانوا أشد المعاناة ودفعوا الثمن وكانت نتيجة إصرارهم أن تقدم المجتمع.
/>وأضاف: هناك متغير فرض نفسه علينا، وهو النظام في يوليو، الذي طرح على الكتاب الشباب تحديات لم يعرفها أسلافنا... فقد كنا متحمسين لتوجهات الثورة من ناحية التركيز على البعد القومي والعروبي والعدالة الاجتماعية، وفي الوقت نفسه كنا نرفض التوجه الشمولي للنظام والقيود على حرية التعبير، وقد ظهرت هذه الازدواجية في أعمالنا، وتعرضنا لامتحان عندما اكتشفنا أن الثقافة نُحيت وأصبحت من جملة الرعايا الموجَّهة وليست الموجِّهة... ثقافة «نعم» تحظى بالجزرة و«لا» تحظى بالعصا.
/>وأكمل: كنا كتابا من اتجاهات مختلفة، وكان من الصعب تصنيف هذه المجموعة فكريا فأطلق علينا النقاد جيل الستينات، وكانت الغلبة في الكتابة وقتها للقصة القصيرة، فالكل كان يحلم بأن يكون يوسف إدريس... وعندما لم نتمكن تحولنا للرواية، ولكن على الرغم من هذا التنوع الكبير إلا أنه كانت هناك صعوبات كبيرة في النشر، خصوصا لمن كانوا بعيدين عن السلطة، للدرجة التي كان نشر قصة واحدة يعد حدثا كبيرا.
/>وفضَّل بهاء طاهر الحديث عن عنصر واحد فقط في تجربته الإبداعية، وهو اللغة، مشيرا... إلى أن النقاد تكلموا عن أن لغة هذا الجيل تحديدا وبالأخص بهاء طاهر فقيرة تخلو من كل زخرف بلاغي، وأنها عبارة عن جمل خبرية، وأنه في المقابل هناك من رأى أنها تؤسس للغة جديدة، وقال: عندما أفكر في ذلك الآن أكتشف أن جيلي كان حريصا على تجنب البلاغة الوصفية في الكتابة، وذلك لإيقاظ وعي القارئ ودفعه لبذل جهد موازٍ لجهد الكاتب.
/>وعلَّق بهاء طاهر على فكرة تقسيم الأدباء إلى عقود زمنية، وقال: إن الأدب لا يتطور مع السنين، فلا يوجد هناك أدب ستينات ولا سبعينات، ولكن الأحداث السياسية والاجتماعية هي التي تقود حركة التغيير في الأدب، فمثلا عاش جيلنا في مفترق طرق، بعد أن داهمتنا نكسة 1967 على الرغم من أن أكثر من كاتب كان قد نبه إلى أننا مقبلون على كارثة، لكن صيحات الاحتجاج ذهبت سدى، مع أننا لم نكن معادين للنظام،بل كنا ناقدين ونتمنى أن يتخلص من سلبياته، وأن تكون الثقافة هي أداة تقدم المجتمع، ولكن رد فعل السلطة كان عنيفا جدا على الاحتجاجات التي قمنا بها، لكن الغريب أن النكسة أتاحت لنا بعد ذلك الفرصة لأن نعبر عما بداخلنا، وأخرجنا مجلة «جاليري» 68، وهي التي تبلورت خلال ملامح الأدب الجديد في ذلك الوقت، وانتهى شهر العسل القصير بين المثقفين والسلطة بعد حرب 1973، واكتشف كبار المثقفين في ذلك الحين أنهم لم يعد لهم عمل واضطروا إلى أن يتركوا البلد، وفرض علينا نحن الأجيال الجديدة الصمت ثم الخروج من البلد، وقد تركت مصر، وفي المنفى كتبت «أبناء رفاعة»، وشرحت فيه التحولات العنيفة التي شهدتها مصر، حيث تم تفريغ البلد من المثقفين وأزيح قادة الفكر واستبدلت السلطة بهم الوعاظ الدينيين، والذين لم يكونوا مثل الشيخ محمد عبده، بل كانوا يركزون على الجوانب الشكلية.
/>