أعتقد أنا، وغيري ممن يشاركني الرأي، بأننا مللنا المهاترات السياسية والمزايدات وكشف المستور وتسجيل المواقف وملء «C.Vs» بالإنجازات للانتخابات المقبلة، حتى ان الصحف اليومية ما عندها سالفة إلا الاستجواب ورئيس الوزراء والمال العام اللي قاعد يمر من فوق النواب ومن تحت أرجلهم، ومن بين أيديهم ومن خلفهم هذا إذا ما طاح بأيديهم، مع العلم أنه لو سألت أحد النواب المخضرمين، والمخضرم في لغة العرب هو من كان نائباً قبل الغزو وبعد الغزو، أمثال النائب أحمد السعدون، والوزير أحمد باقر وغيرهم عن الأوضاع الاقتصادية و«البوقات» اللي قبل الغزو لقال لك: «الوضع هو الوضع لكن الناس غير الناس».
أنا لا أقول أن نسكت عن الخلل الذي ينخر في البلاد ويجره إلى أنفاق مظلمة، كما لا ينبغي في الوقت نفسه أن ننسى الدور التنموي للبلد والاهتمام به ومتابعة الخطط الخمسية لدولة الكويت. ولا ينبغي أن نعالج مشاكل البلد بالتلويح بالاستجواب في كل دقيقة، حتى أصبح المجلس في جلساته كلها على صفيح ساخن، لدرجة أن النواب الذين يتصفون بالحلم والهدوء والحكمة يفكرون أحياناً في البحث عن جنازة يلطمون فيها لمواكبة الركب. ولا ينبغي أن نستخدم أداة الاستجواب كوسيلة ضغط نحاسب فيها الحكومة، لأنها تجاهلت حركة أو تجمعاً أو حزباً أو عوداً كبيراً من المخضرمين في قرار اتخذته ورأت أن فيه مصلحة للبلد. ولا أن ننسى، أيضاً، أخلاقنا خارج المجلس فنكون كصبيان المدارس «كل واحد معاه درنفيس في مخباه»، ولا ينبغي أيضاً للحكومة أن تفتح الضوء الأخضر لنواب والأحمر لآخرين، فتزيد بذلك فجوة الخلاف بين السلطتين، ومن ثم تلقي اللوم على النواب. اخواني النواب لنحاول أن نكون أكثر أريحية وأكثر عقلانية في الطرح والمناقشة، لنبتعد عن الصراخ المزعج الذي أصبح موضة أكثر منه عادة، وغالباً ما يكون القصد منه لفت الانتباه، لا أن ننتظر من رئيس الوزراء أن ينقذ الكويت لوحده لأنه قطعاً لن يستطيع، فبجهودكم وجهوده وحرصه ومتابعته ننقذ الكويت وننتشلها إلى القمة.
صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله قال: «لماذا تفكرون في الحل أنا متفائل من أداء المجلس...». أتمنى أن نثمن كلمة صاحب السمو الأمير ونكون فعلاً عند حسن ظنه، ونتصف بالحزم واللين في الوقت نفسه.

حكمة اليوم:
أوقد شمعة خير من أن تلعن الظلام


راجح سعد البوص
كاتب وأكاديمي كويتي
rajeh4@hotmail.com