|  اعداد: نجاح كرم  |
محاولة قتل واحد من اكثر الطغاة الذين عرفهم التاريخ في العالم بالتأكيد ليس بالأمر الهين. ادلورف هتلر الذي حاول القضاء على اليهود تحت مقولة «لقد كان في وسعي أن أقضي على يهود العالم، لكني تركت بعضا منهم لتعرفوا لماذا كنت أبيدهم» حاول القضاء ليس على المانيا فقط انما على أوروبا قاطبة، لذا حاول العديد من الضباط الألمان الذين خدموا بلادهم بكل ولاء وطاعة الانشقاق على أمل ان شخصا ما سوف يجد طريقة لايقاف هتلر قبل ان يدمر اوروبا والمانيا بالكامل.
يعود بنا الزمن الى قصة حقيقية وقعت في الأربعينات من القرن الماضي ابان الحرب العالمية الثانية عندما كان هتلر في أوج مجده وقوته يخطط وينفذ للاستيلاء على أوروبا والقضاء على جميع اليهود بها، في هذه الأثناء تأخذنا الكاميرا للمخرج المبدع برايان سينجر الذي أخرج العديد من الأفلام منها the usual suspects وx-men وsuperman returns لينضم إلى كاتب السيناريو كريستوفر ماك كويري الحائز جائزة الأكاديمية عن فيلم the usual suspects لاظهار الحياة في قصة مجموعة من ضباط الجيش خططوا لعملية اغتيال هتلر بتكتيك اخراجي رائع ساهم بشكل كبير في انجاح الفيلم.
الخيانة العظمى
من تونس والعمليات الحربية الدائرة هناك من قبل كتيبة بانرز الى مستشفى في المانيا حيث نقل كلاوس فون ستافونبييرغ (ويقوم بدوره توم كروز) ضابط برتبة كولونيل جريح أحد المعارك تزوره زوجته لتفاجأ بأنه فقد أحدى عينيه وبترت أصابعه ويحتاج لعدة عمليات ليعود كما كان، ولاؤه جعله يخدم بلده بكل حب وتفانٍ وأخلاص، لكنه بنفس الوقت غير راضٍ عن مخططات هتلر الوحشية والتي أدخلت البلاد في معارك طاحنة جعلته يغيب عن زوجته وأولاده الأربعة فترات طويلة دون رعاية وعطف من جانبه، فكان يردد دائما بأننا يجب أن نبرهن للعالم بأننا لسنا مثله، لذا حاول الأنشقاق عن الجيش النازي في أضخم عملية خيانة عظمى عرفتها المانيا آنذلك.
استخدم كلاوس كافة الاجراءات بنفسه باستراتيجية ماكرة لاستخدام خطة هتلر للطوارئ والمعروفة بعملية valkyrie، فأنضم اليه العديد من الضباط الذين وافقوا على العملية وأرادوا اسقاط حكومة الدكتاتور النازي من الداخل.
العملية برمتها تشدك من بداية الفيلم الى نهايته في ترقب حذر ومشوق لا تستطيع خلالها أن تشتت ذهنك وأنت تحاول التركيز في أخطر عملية قتل استهدفت هتلر.
المناظر الطبيعية التي أعطت للفيلم مساحة من الخيال والجمال تأخذك الى مقر هتلر بين الغابات ومحاولة الابتعاد عن المدينة وكأنه يعرف مسبقا بأن ابتعاده أمان له ولحاشيته، محاولة الدخول الى مقر هتلر ليست بالسهلة، فالحراس يلفون المكان من كل جانب ومحاولة دخول الكولونيل كلاوس ومعه الشنطة الملّغمة أمر خطير في حال تم اكتشاف أمره، العملية تمت بسرية تامة بداية من زوجته وأولاده الذين وضعهم في الميزان وخاطبهم بقوله اذا تم القبض عليّ فسوف يلحقون بكم ويقتلونكم، الى استبعاد الاستخبارات واستغلال وسائل الاتصال والتلكسات التي تلقت خبر الأنفجار الحاصل في مقر هتلر بعد الأجتماع الطارئ وخروج كلاوس منتصرا بعد العملية ليكون شاهدا بنفسه على مقتل هتلر, لتقوم الدنيا ولم تقعد في محاولة تصديق الخبر هل فعلا مات هتلر أم العملية فشلت برمتها والتي كانت تسمى خطة فالكيري للطوارئ.
تاريخ السينما
لاتزال السينما العالمية الى يومنا هذا تتطرق لقصص مؤثرة في حياة الشعوب وتاريخها، لتعود الى الزمن الماضي وتعيد الأحداث التي شكلت منعطفا خطيرا في تغيير مسار شعوب بأكملها ولتسجل بكل تفاصيلها قضايا هزت مجتمعات بأسرها وغيرت مفاهيم كثيرة لتسجل في ذاكرة الأمم ويستمر في ترديدها الى يومنا هذا الكبار حتى يستوعبها الصغار ليعرفوا حقيقتهم وما آلت اليها المخططات التي غيرت وجه التاريخ بالنسبة لهم، لذلك يعتبر الشعب الألماني العريق من أكثر الشعوب التي عرفت ما قام به أشهر طاغية في تاريخ العالم والذي حاول تغيير خريطة أوروبا وتدميرها بالكامل وذلك بقتله للآلاف من الأبرياء دون ذنب اقترفوه فاعتبروه الى يومنا هذا مجرم حرب يستحق المحاكمة هو وزمرته لو كان موجودا، فثراء المادة التاريخية في تلك الحقبة تحتم على السينمائيين استغلالها والتطرق لها حتى تعتبر وثيقة حية ومدرسة متكاملة لمعرفة الحقيقة الواقعة والتي لايزال الجمهور يرغب في معرفتها والاستزادة منها في الوقت الذي غفلنا نحن عنها كشعوب عربية في توثيقها وأبرازها لطغاة كانوا يعيشون بيننا دون أن نهتم لكشف حقيقتهم للكافة رغم تعطش الجميع لمعرفة أدق تفاصيل حياتهم وحتى تفكيرهم ولتبقى معلقة في ذاكرة الأجيال القادمة.
توم كروز
قدم العديد من الأفلام الناجحة والتي حفلت بها السينما الأميركية في السنوات الماضية، في هذا الفيلم نجح كروز بتقدير امتياز عن دوره الصعب والمقنع بدرجة كبيرة ليضيف له ولمجمل أدواره السابقة نجاحا غير مسبوق باطلالته الجميلة وليكون أحد الممثلين المميزين في تاريخ السينما العالمية وواحداً من أبرز نجومها دون الاعتماد على جماله فقط انما على قدراته التمثيلية والتعبيرية الفائقة.
تم تصوير بعض مشاهد الفيلم في أماكن مهمة في المانيا مثل ساحة بيندلربلوك الشهيرة المكان الذي قتل فيه عدد من المتمردين والمعاديين للنازية ابان حكم هتلر، ولا ننسى استخدام المخرج لموسيقى فاغنر الألماني الشهير ليضيف للفيلم مسحة من الرومانسية الجميلة وليقول ان رغم الحروب ومشاهد القتل والتوترات التي عاشتها المانيا في هذه الحقبة لكنها لم تنسَ سماع موسيقى فاغنر الشهيرة.
الفيلم لم يتطرق لعشيقة هتلر ايفا براون رغم انها كانت ملازمة له في كل أمور حياته وتنقلاته حتى الحربية منها.

اعداد: نجاح كرم
Miss76cinema@hotmail.com