البسطاء ناموا سعداء، المتوسطون باتوا يحللون ويشككون، أما الكبار فكانوا شامتين... هكذا باختصار مرّت ليلة أول من أمس على الكويت.ليلة تنبئ بأن دوام الحال من المحال، فالذين صنعوهم أرادوا تحطيمهم!ما الذي حصل؟ماذا استفزهم؟لا أنوي الخوض في موضوع ملتبس لا يزال في عهدة التحقيقات كفعل، لكني سأتكلم عن التفاعل والانفعالات التي حصلت فجأة!لسنوات ظهر فيها المشاهير وتحديداً الفاشينستات كظاهرة، تحدثوا عن إيجابيتها في تحسين صورة الذوق الكويتي بعد أن أساءت له الدراما التلفزيونية، لا لبسهم نفس لبسنا ولا أشكالهم نفس أشكالنا ولا بيوتهم نفس بيوتنا، وضعوا تحت كلمة بيوتنا ألف خط فهي مربط الفرس!ثمة وحدة وطنية تشكلت تحت راية الفاشينستات، مكياجنا واحد ولبسنا واحد، ساعاتنا واحدة وجناطنا واحدة حتى مطاعمنا وسفراتنا واحدة!«كله ده كان حب؟ مش ممكن!»نعم كان حباً، لا ننكره، أحبهن الشعب وأحببنه، أثرن على صغاره قبل كباره، صاروا يعرفون أخبارهن أكثر من بيوتهم وصاروا يتمنون لو أسكنوهن بيوتهم، وضعوا قوسين حول عبارة أسكنوهن بيوتهم!بعد سنوات من النجاح، كنا نحن ولا أحد سوانا مصدره، كثيرون يدينون لهن بتحسين ذوقهم وتطويره وإعطائهم الأبديت، كن طاقة إيجابية تنبض بالحياة، لكن الحياة ليست «بمبي بمبي بمبي» على طول الخط!هناك تعب وهناك راحة، فبعد تعب السنوات أرادت الفاشينستات الراحة في بيوتهن، بيوت حلوة، في مناطق راقية، وغالية، تناسب نمط حياتهن ومدخولهن.وهنا انقلب السحر على الساحر، فالذين أرادوا يسكنونهن بيوتهم تمنوا لو هم الذين سكنوا بيوتهن، والذين تذمروا من أن بيوت المسلسلات لا تشبه بيوتهم، انفجروا لأن بيوت الفاشينستات أفضل من بيوتهم، إن كان لهم بيت، وبفلوسهن!وهكذا فوقهم بيت، جمعهم الحب، وفرقتهم الغيرة، ليست غيرة وحسب، بل حسرة على حالهم!يتساءل تركي الدخيل في تغريدة شهيرة له: ‏كيف سنروي لأجيالنا أننا نملك أكبر احتياطي نفطي في العالم، وأن أكثر من نصف السكان بلا سكن؟!مشكلة الشعب مع الفاشينستات مرتبطة بقضية ارتفاع أسعار العقار في الكويت، فبيوت المشاهير «خلتهم ينفجرون»!لم تستفزهم سيارات ولا ساعات، كلها مقدور عليها ولكن بيوت الأحلام ليست سوى أضغاث أحلام!لم يستوعب الشعب أن البيوت تم بناؤها من تراكمات السنوات، كان فيها الشعب يصرف والفاشينستات يجمعن، لأن الكويتي مهما اشتغل لا يستطيع بناء بيت في الوضع الطبيعي، صارت القاعدة: لا يشتري البيوت في الكويت سوى اثنين، حرامي ووارث والباقي «يطحسون» بين الإيجارات الشهرية وقوائم انتظار البيوت الحكومية التي تطول لسنوات!وعليه، عاش الشعب في حالة إنكار واستنكار، متمنياً أن يسكن مساكنهن أو يخرجن منها، حتى خرجن ليلة أمس ليطمئن الشعب ويرتاح ولو قليلاً.الشعب الذي وحده المشاهير انقسم حولهم: البسطاء ناموا سعداء، المتوسطون باتوا يحللون ويشككون، أما الكبار فكانوا شامتين... اللهم لا شماتة.