يوماً بعد آخر، يزداد التعليم عن بعد غموضاً في الكويت، حيث أبدى عدد من قياديي وزارة التربية من مديري مناطق تعليمية ومديري شؤون تعليمية وكذلك موجهون بوزارة التربية عدم علمهم بآلية تطبيق هذا النظام وكيفية الدوام فيه، مطالبين بضرورة إصدار مذكرة تفصيلية تسير عليها المناطق التعليمية كافة، فيما قسم الخبير التربوي في وزارة التربية الدكتور محمد الشريكة أزمة التعليم عن بعد في الكويت إلى 6 محاور رئيسية، أولها مشكلات التعليم عن بعد في البيئة الكويتية، حيث توجد سلبيات وإيجابيات لهذا النوع من التعليم، إذ فرض بسبب جائحة فيروس كورونا التي اجتاحت العالم ودفعت نحو 99 في المئة من دول العالم إلى تبني التعليم الطارئ عن بعد لمواكبة احتياجات الحالة التي نعيشها الآن.وبين الشريكة في تصريح لـ«الراي» أنه غير مسموح أدبياً أن نحاكم التعليم عن بعد كمفهوم واستراتيجية وفلسفة خلال تطبيقنا الحالي الاستثنائي، متابعاً «استخدمنا التكنولوجيا في التعليم ولكن بالشكل الفعلي لم نستخدم التعليم عن بعد، الذي يعد تجربة وليدة طارئة سترافقها مشكلات كثيرة ولكنها واجهت كل الدول في هذه الظروف الاستثنائية».وأوضح أن أولى المشكلات هي مفهوم هذا النوع من التعليم وتحديد مبررات تطبيقه، حيث إن وزارة التربية بحاجة إلى مواءمة فلسفة التقويم، بما يتواكب مع التعليم عن بعد والبحث عن أدوات تقييمية خارج صندوق الاختبارات ،مبيناً أن المجتمع بحاجة إلى توعية بهذا النوع من التعليم إضافة إلى أننا سوف نواجه مشكلة نقص البرمجيات وفكر مواءمة المناهج لأنه ليس كل المواد تصلح في هذا التعليم ومنها المواد غير الأساسية كالتربية الفنية وغيرها لا سيما للطلبة الصغار.وتطرق إلى مشكلات أخرى تنظيمية داخل الوزارة منها «هل المعلم يحضر إلى المدرسة ويعمل من داخل الفصل أم أن دوامه سيكون من البيت كما في كثير من دول العالم؟»، مشدداً على ضرورة صدور قرارات واضحة وشفافة تعالج هذه الأمور.وعن أهلية الأسرة الكويتية لهذا التعليم، قال إن هذه ظروف استثنائية ومن الطبيعي أن تتحمل الأسرة عبئاً كبيراً في مساندة أبنائها في الدراسة المنزلية، وتخصيص الأب والأم الوقت الأكبر لدراسة أبنائهما لا سيما في المرحلة الابتدائية حيث يحتاج هؤلاء الصغار إلى وجود الأب أو الأم أثناء تلقي الدرس، مشيراً إلى ضرورة أن تستوعب الوزارة عدم قدرة طلبة المرحلة الابتدائية على الجلوس لمدة 3 ساعات أمام الجهاز ويجب أن تكون هناك معالجة لهذا الأمر، لا سيما أن والدة الطفل قد تكون موظفة وهذا يجعلنا نبحث خيارات أخرى منها أن تكون فصول هذه المرحلة بعد الساعة الثالثة عصراً.وبيّن أهمية الاهتمام بوضع الأسر والأعباء التي سترهقها في هذا النوع من التعليم، مؤكداً أن الأسرة الكويتية مؤهلة للتعامل مع التكنولوجيا التي أصبحت جزءاً من حياتنا اليوم، لافتاً إلى أن أهم المشكلات التي ستواجهها الأسرة تتمثل بكيفية متابعة أبنائها وتحصيلهم الدراسي في التعليم عن بعد.وتطرق إلى بعض المشكلات الأخرى ومنها نقص الأجهزة والانترنت للطلبة والمعلمين، مضيفاً «قدمت مقترحاً سابقاً إلى الوزير الأسبق الدكتور نايف الحجرف قبل أن يطرح مشروع اللابتوب وهو تكليف ولي الأمر بشراء اللابتوب لأبنائه، ومن لديهم مشكلات مالية نستطيع أن نقوم بالتنسيق مع بيت الزكاة من خلال صندوق دعم التعليم لتوفير الأعداد المطلوبة وتوزيعها على الطلبة مهما كانت جنسياتهم، إضافة إلى إلزام شركات الإنترنت بتوفير باقات انترنت مجانية للطلبة وتكون محدودة مثلاً بواقع (5 أو 10 جيجا في الشهر) وأعتقد أن شركات الاتصالات ترحب بتقديم هذا الدعم بشكل مجاني».وأكد أهمية استخدام تطبيق الأوف لاين والأون لاين حيث يجب على الوزارة أن تراعي أوضاع الأسر من خلال إعداد جدول مواعيد تلقي الدروس للمراحل التعليمية الثلاثة، إضافة إلى إتاحة الفرصة للمعلمين من خلال دوامهم في المدارس واستخدام الحواسيب الموجودة في المختبرات، وهذا يعالج المشكلة رغم وجود مخاطر صحية في ذلك ولكن بطريقة منظمة تراعي الاشتراطات الصحية.

مشكلة الدروس الخصوصية ... ستتفاقم

تطرق الدكتور محمد الشريكة إلى الدروس الخصوصية في ظل التعليم عن بُعد، قائلاً «إن هذه مشكلة كبيرة ستتفاقم خلال هذه الفترة، لأن كثيراً من الأسر سيضطر إلى الاستعانة بالمعلمين لتدريس أبنائهم بشكل مباشر في البيوت، وزيادة الطلب على الدروس الخصوصية سيرهق ميزانية الأسر، ويجب أن تقوم وزارة التربية بإيجاد حلول لهذه المشكلة».وأوضح أن النجاح إذا ارتبط بالاختبارات فأنا أضمن أن كل الأسر ستستعين بالمعلم الخصوصي داخل البيت، أما إذا تغيّرت فلسفة التقويم وكانت كالتي تستخدم الآن في الصف الثاني عشر من خلال الاعتماد على الأبحاث والأنشطة والمشاركة في تقدير الطالب فهذا سيقلل من المشكلة.واختتم الشريكة حديثه متفائلاً بعودة التعليم النظامي داخل المدارس في الكويت خلال شهر يناير أو فبراير على أكثر تقدير، الأمر الذي يجب أن نتعامل معه بمرونة أكبر مع هذا الفصل الاستثنائي من خلال تسهيل آليات التدريس وتكثيف تدريب المعلمين لمواكبة هذا النوع من التعليم من خلال اختصار الدرس ومنح الطلبة الوقت الكافي للمشاركة، مبيناً أن التعليم عن بُعد هو خيارنا الوحيد ولا نملك خياراً غيره، إلا «اللا تعليم» وهذا قاس جداً على أبنائنا.