هل تكسر الصين الهيمنة الأميركية في الفضاء من خلال «بيدو»؟سؤال يتبادر إلى الأذهان بعدما أطلقت الصين القمر الاصطناعي الخامس والثلاثين والأخير لنظام الملاحة وتحديد المواقع «بيدو» (BeiDou)، لتكون بذلك أكملت تغطية هذا النظام لكامل الكرة الأرضية، مُعززة بذلك مكانتها وقدراتها كقوة فضائية صاعدة على المستويين المدني والعسكري. وبحسب شبكة «DW» الإخبارية، فإن «التنين الصيني» أكمل إنجاز النظام بتكلفة قدرها نحو عشر مليارات دولار، ويسمى بالإنكليزية أيضاً كومباس، للملاحة وتحديد المواقع بواسطة شبكة من خمسة وثلاثين قمراً اصطناعياً، تم إطلاق آخرها يوم 23 يونيو الماضي، ما يجعل الصين مستقلة تماماً عن أنظمة مماثلة كـ«جي. بي. إس» الأميركي أو «غاليليو» الأوروبي الذي هو قيد الإنجاز. وعلى غرار نظامي تحديد المواقع الأميركي والروسي، فإن «بيدو» يُدار من قبل وزارة الدفاع الصينية. أما «غاليليو» الأوروبي، فله طابع مدني وممول تقريباً بالكامل من قبل الاتحاد الأوروبي.ووراء سباق ضبط تقنيات الملاحة الفضائية وتحديد المواقع، توجد رهانات اقتصادية وسياسية وعسكرية ذات أبعاد استراتيجية مختلفة، في تفوّق لم يعد اليوم حكراً على الولايات المتحدة.بدأ نشر النسخة الأولى من «بيدو» العام 2000 وكانت تتكون من ثلاثة أقمار اصطناعية فقط، دخلت الخدمة في العام 2003. النسخة الأولى كانت ذات تغطية إقليمية محدودة وتشمل الصين وجوارها. أما الجيل الثاني، فتمّ الإعلان عنه العام 2006، ويغطي كامل الكرة الأرضية بدقة تقارب عشرة أمتار في نسخته المدنية.ويعمل النظام بفضل ثلاثة أنواع من الأقمار الاصطناعية. الفئة الأولى تضم خمسة أقمار في مدار ثابت، والفئة الثانية ثلاثة في مدار مائل (55 درجة) متزامنٍ مع دوران الأرض، ثم 27 قمراً اصطناعياً تم تثبيتها في مدار متوسط.النسخة الثانية من «بيدو» دخلت الخدمة عام 2012 بتغطية شملت أيضاً الصين ودول الجوار، بأداء وفعالية تقارن بنظام «جي.بي.إس» وغلوناس الروسي و»غاليليو». علاوة على ذلك، هناك أيضاً نظام «إ.إير.إن.س.س» الهندي بسبع أقمار اصطناعية والُمصمم للملاحة في الهند وجوارها في قُطر لا يتعدى أكثر من 1500 كيلومتر عن حدودها. وأخيراً نظام «كيو.زيد.إس.إس» الياباني، الذي هو قيد الإنجاز ويتكون من ستة أقمار اصطناعية يُتوقع دخولها الخدمة عام 2023.ويمنح نظام «بيدو» للصين استقلالية اتجاه النظام الأميركي، بامتلاك أداة لتحديد المواقع في حال نشوب نزاع عسكري بين الجيشين، خصوصاً أن الأخير له قدرة قطع خدمات «جي.بي.إس» على الصين أو على أي دولة أخرى. وإضافة إلى ذلك، سيكون بإمكان «بيدو» دعم أنظمة تكنولوجية مستقبلية في الصين كالسيارات ذاتية القيادة، وقطاع الزراعة الدقيقة وما إلى ذلك.