رأى الأمين العام للحركة التقدمية أحمد الديين، أن «ما تعانيه الكويت من مشكلات عامة بعضها مزمن، لا يمكن معالجته عبر الرتوش والتحسينات الشكلية أو إصلاحه بجهود فردية وشخصية، مهما كانت أهمية الجهود الشخصية»، مؤكداً ضرورة تحقيق تغيير وطني وديموقراطي واجتماعي ينهي تحكم المصالح الطبقية الضيقة للقوى الاجتماعية المتنفذة، من خلال ميزان قوى يفكك النهج غير الديموقراطي، ويعيد البلد إلى مسار التطور الديموقراطي باتجاه النظام الديموقراطي البرلماني مكتمل الأركان.وفي حديث مباشر عبر حسابه في «تويتر» و«بايرسكوب» تحت عنوان «قلنا مَن نحن... والآن هذا ما نريده»، مساء أول من أمس، تطرق الديين إلى قضايا الدستور الحالي والتغيير الوطني وقضايا الفساد ومعالجتها والتنمية. وقال إن «ما تعانيه البلد من مشكلات عامة بعضها مشكلات مزمنة مثل السكن او استمرار معاناة الكويتيين البدون، أو ما تشهده البلد من اختلالات كبيرة مثل التركيبة السكانية أو غيرها من المشكلات العميقة ومستدامة، ليست صدفاً أو أخطاءً في التطبيق أو ممارسات شخصية، بل هذه مشكلات لها أسبابها المادية والاجتماعية وجذورها العميقة التي تتمثل في سبب رئيسي هو تحكم المصالح الطبقية الضيقة للقوى الاجتماعية المتنفذة المتثملة في تحالف السلطة وكبار الرأسماللين الطفيليين».وتابع «هذا هو السبب الذي أدى إلى فرض النهج غير الديموقراطي لهذه القوى الاجتماعية المتنفذة وسبب فرض سياساتها الاقتصادية والاجتماعية المتناقضة مع مصالح الاغلبية الساحقة من المواطنين وسبب في التنافس والصراعات بين مراكز النفوذ داخل السلطة والحلف الطبقي وكذلك تهميش دور الغالبية من الناس»، معتبراً أن «هذا الوضع المتناقض والمأزوم لايمكن معالجته عبر الرتوش والتحسينات الشكلية وكذلك لا يمكن إصلاحه بجهود فردية وشخصية مهما كانت أهمية الجهود الشخصية بل يتطلب تغييرا جذريا في ميزان القوى».و رأى أنه «ما لم تكن هناك حركات سياسية وشعبية واجتماعية ونقابية في البلد منظمة، وتمتلك منهجاً ولديها برامج بديلة للوضع القائم وتمتلك القدرة على التحرك والتأثير وليست فقط تسجل مواقف أو المعارضة السلبية، ما لم يكن هذا، فإن الوضع سيبقى على ماهو عليه، وهذا ما تحاول حركتنا أن تفعله في أن تتجاوز ذلك».واستعرض الديين أجندة الحركة التقدمية ورؤيتها حول طريق الكويت نحو التغيير، وقال «نحن نريد كحد أدنى تحقيق اصلاحات وطنية وديموقراطية واجتماعية تعالج المشكلات والاختلالات الموجودة، لكن نظن أن هذه الإصلاحات لا يمكن أن تكون كافية ما لم يكن هناك تغيير جدي وعميق».وأكد ضرورة تحقيق تغيير وطني وديموقراطي واجتماعي ينهي تحكم المصالح الطبقية الضيقة للقوى الاجتماعية المتنفذة من خلال ميزان قوى يفكك النهج غير الديموقراطي ويعيد البلد إلى مسار التطور الديموقراطي باتجاه النظام الديموقراطي البرلماني المكتمل الأركان، كذلك ميزان قوى يتم فيه التخلي عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتناقضة مع مصالح الأغلبية الساحقة من الناس، وميزان قوى يعيد الاعتبار لدور الناس في تقرير شؤون بلدهم، بدلا ما أن يكونوا مهمشين في ساحة تشهد تنافس مراكز النفوذ والقوى فقط .وعن تقييم «الهامش الديموقراطي المحدود»، وسبب الدفاع عن دستور 1962، رغم أنه «ليس دستوراً ديموقراطياً»، قال الديين «لدينا هامش محدود من الحريات لكن هذا الهامش يتعرض لهجوم مستمر وتضييق متواصل وتقليص، فنحن لدينا دستور حد أدنى يتضمن مكاسب اجتماعية وشعبية وديموقراطية لكن هذا الدستور ليس دستوراً ديموقراطياً».وأضاف، «لا يمكن أن يكون دستور ديموقراطي لا يضم تعددية سياسية وحزبية وفي ظل غياب التداول الديموقراطي للسلطة التنفيذية، لكن حينما ندافع عن دستور 1962 نحن ندافع عن المكتسبات الاجتماعية والشعبية والديموقراطية التي تعرضت ولا تزال لهجوم».وأكد «نحن لا نتمسك بدستور 62 كسقف إنما كأرضية»، مشيراً إلى المطالبة المستمرة بتعميق وتوسيع المكتسبات السياسية والاجتماعية والشعبية يعني عمليا ندعو لدستور ديموقراطي مكتمل الأركان يقود نحو نظام برلماني مكتمل الأركان.وعن اقتراحات الحركة للإصلاح السياسي الديموقراطي، ذكر الديين، أنه «لا يمكن تحقيق إصلاح للاقتصاد أو التعليم أو الإدارة الحكومية أو للتشريعات دون تحقيق إصلاح سياسي». وتابع «الإصلاح السياسي الديموقراطي يجب أن يؤمن مشاركة شعبية حقيقية في عملية اتخاذ القرار السياسي، وأن يكون القرار السياسي ديموقراطياً وأن تكون الإدارة السياسية للدولة معبرة عن مصالح أوسع الفئات الشعبية وليس مصالح القلة إلى جانب إدارة سياسية تقودها عناصر كفؤة ونظيفة وليست مترهلة ومحتكرة وفاسدة».وحول العناوين الرئيسية لتحقيق الإصلاح السياسي، أكد الديين على ضرورة توفير بيئة لذلك بدءاً من تحقيق انفراج سياسي، مبينا أنه «منذ عام 2014 البلد تعرض لتضييق شديد على الحريات والآن مطلوب انفراج سياسي لإنهاء حالة الاحتقان المفروضة وإلغاء القيود على الحريات الشخصية والعامة وإصدار قانون العفو الشامل عن قضايا الرأي والتجمعات، وإغلاق ملف سحب الجناسي لأسباب انتقامية».وأضاف، «العنصر الثاني يتمثل في تنظيم الحياة السياسية عبر التمهيد لوجود حياة حزبية سليمة، ما لدينا فوضى في العمل السياسي، وثالثا في تغيير النظام الانتخابي وهو الصوت الواحد المجزوء التوافق على نظام انتخابي عادل يستند إلى وجود قوائم وتمثيل نسبي»، مردفا أن «العنصر الرابع يكون في إفساح المجال أمام ممارسات تؤدي إلى تداول ديموقراطي للسلطة التنفيذية».وعن نظرة الحركة لموضوع الفساد المستشري والمختلفة عن نظرة الاخرين، قال «الفساد بالنسبة لنا لا نطرحه من زاوية أنه ممارسات فردية واستغلال النفوذ لتحقيق منافع خاصة أو تنفيع آخرين، وهذه هي النظرة السائدة عن الفساد بل نطرحه من زاوية أوسع».وتابع: «نعتقد أن الفساد في الكويت أصبح جزءاً من المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأساسه هو الطبيعة الطفيلية لمصالح القوى المتنفذة، كما أن الفساد في الكويت تحول عمليا إلى نهب منظم لمقدرات الدولة».وأضاف الديين، «لا نرى الفساد ماليا واداريا وإنما بالأساس فسادا سياسيا»، مبينا أن «الفاسدين في الكويت لم يعودوا مجرد أفراد بل أقرب ما يكونوا إلى مافيات للجريمة المنظمة لهم سطوتهم ونفوذهم داخل السلطات العامة وأذرعهم الإعلامية والنيابية والإجرامية ويتحكمون في العديد من مفاصل الدولة، وبعضهم تجاوز فساده المستوى المحلي كما نلاحظ إلى مستويات عالمية».اعتبر أن «المعركة ضد الفساد ليست قانونية وادارية مع أهميتهما، لا نختزل الفساد في محاربة أشخاص رغم أهمية محاسبة الفاسدين»، مبينا أن «المعركة ضد الفساد هي معركة سياسية كبرى وطبقية كما أن قضية مكافحة الفساد مرتبطة بقضية الديموقراطية وبقضية الصراع الطبقي ضد الرأسمالية».وفي شأن مكافحة الفساد، رأى الديين أن «الأمر يتطلب أولا وجود قرار سياسي بكشف قضايا الفساد وعدم لفلفتها وملاحقة الفاسدين، وعدم التغطية عليهم ومحاكمتهم علنيا ومحاسبتهم جزائيا أيا كانت أسماءهم ومواقفهم، كذلك مصادرة أموالهم المنهوبة وإعادتها لخزينة الدولة».وأضاف، أن «الأمر الآخر لا بد من قرار سياسي بتطهير الجهاز الحكومي من العناصر الفاسدة وتكليف عناصر جديدة ذات سجل نظيف لتولي المناصب القيادية في الدولة على مستوى وكلاء الوزارات والوكلاء المساعدين وأعضاء مجالس إدارات المؤسسات والشركات النفطية وممثلي الحكومة في الشركات المساهمة فيها». وتطرق إلى التنمية، مبينا أنها ليست فقط الاقتصادية بل نركز على التنمية الإنسانية والتي تتيح أمام الإنسان خيارات أوسع وتوفر له بدائل وتحسن نوعية حياة الناس وتضمن حقوقهم وحرياتهم، كما تستثمر في قدرات البشر حتى يكونوا منتجين وخلاقين. وتحدث الديين عن الفرق بين الحزب للطبقة العاملة عن الحركة النقابية العمالية، وقال «في جميع بلدان العالم فإن الطبقة العاملة بحاجة إلى نقابات، تدافع عن مصالحها وتحسن ظروف عمل العمال والأجور وتمنع المساس بحقوقهم»، مبينا أن «النقابات يدخلها كل العمال بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية والسياسية ومستوى وعيهم. ولكن الطبقة العاملة في بلدان العالم تحتاج إلى حزب سياسي يقود الصراع الطبقي والسياسي وجزءاً من الصراع الاقتصادي»، لافتا إلى أن «حزب الطبقة العاملة هو الحزب الشيوعي، الحزب العمالي، الحزب الاشتراكي، هو هيئة أركان حرب تقود الطبقة العاملة وتنظيم طليعي للطبقة العاملة ويحقق وجود الطبقة العاملة كطبقة سياسية لها دور تاريخي واجتماعي وسياسي».وذكر أن «أحزاب الطبقة العامة ليست كالنقابات مفتوحة لجميع العمال، وفي نفس الوقت هي لا تضم عمالاً فقط وإنما يمكن أن تضم كل المنحازين للخيار الاشتراكي، وكل من يرى أن ثمة دوراً تاريخياً واجتماعياً وسياسياً للطبقة العاملة، أيا كان منحدرهم الاجتماعي أو الطبقي». وأشار إلى قضية البدون، مبينا أن «الحل الإنساني لقضية الكويتيين البدون يكون في التخلي عن المعالجات العنصرية، لا يمكن أن تتحقق بالإبعاد الجماعي وغير مقبولة دوليا، كذلك التخلي عن المعالجات الوقتية مثل الإقامة الدائمة وحرمان أجيال كاملة من الجنسية أو النظرة لهذه القضية من منظور أمني».وأكد ضرورة دمج «الكويتيين البدون» مع المجتمع الكويتي واكتسابهم الجنسية مع منح أولوية خاصة للاسراع في معالجة أوضاع أبناء المواطنات الكويتيات وأسر الشهداء والأسرى، مع ضمان الحقوق الأساسية مثل حق التعليم والتطبيب والعمل وبقية الحقوق الأساسية والمدنية وذلك عبر قوانين وليس عبر قرارات يمكن تغييرها.