الذكريات تتعدد أنواعها وتختلف ألوانها وتتنوع مشاهدها، فإذا لاحت على الذهن فإن بعضها جميل والآخر حزين يذيب القلب إذا مرت مشاهده على الفكر.ما أصعبها من ذكرى، وما أعظمها من مشاهد أذرفت من المآقي الدموع، وجعلت في القلوب حسرات على أناس استيقظوا من نومهم ذاكرين لله صائمين في يوم من أيام شهر الصيام، وهم يجدون للذهاب إلى بيت الله لأداء فريضة الجمعة.قلوبهم صافية وألسنتهم تلهج بذكر الله، ذلك في اليوم التاسع من هذا الشهر الفضيل في عام 1436 الموافق 26/‏6/‏2015 حيث اندس - من لا يعرف من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه - بين صفوف المصلين الأبرياء وهو يحمل ما يحمله من ضغينة وحسد ومتفجرات، ليفجر به بيت الله إنما يفجر بعمله هذا كل قلب مسلم ومؤمن ما أقسى تلك القلوب التي لن تميل لهداية فتباً لها وتعساً.يذكرون الإسلام، والإسلام منهم براء يريدون أن يمزقوا المسلمين، والله يأبى إلا أن يتم نوره رغم أنف الحاقدين، ونجم عن هذا التفجير الآثم استشهاد 27 مؤمناً وجرح 227 مصلياً.ما أعظمها من فاجعة وقف أبناء هذه الديرة الطيبة كعادتهم صفاً واحداً، يتقدمهم أميرهم صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ونطقه السامي يشير:«هذولا عيالي».نعم إن هذه الديرة وحدة واحدة تقف صفاً واحداً أمام كل ظالم وغاشم ومستبد، فاذا أصاب أحد منها أذى تداعى كل الجسد بالسهر والحمى.في هذا اليوم إذ نستذكر شهداء مسجد الإمام الصادق عليه السلام، فإننا نستذكر معهم أيضاً شهيدين فاضلين اغتالتهما أيدي الحقد وقلوب الضلالة وأذهان الفتك، كما اغتالت آلاف المسلمين، وهم يصلون في مساجدهم، نتذكر الشيخ الدكتور وليد العلي والشيخ فهد الحسيني.لن ننساهما ونستذكرهما كلما ذكرنا شهداء المساجد في جميع أصقاع الدنيا، لن ينسى الكويتيون خطبة الشيخ الدكتور وليد العلي يرحمه الله الجامعة في المسجد الكبير بعد تفجير مسجد الإمام الصادق عليه السلام، التي ضمت جميع أبناء هذه الديرة الموحدة والواحدة، ولن ينسوا صوته الصادح بالحق في الصلاة في وجود صاحب السمو الأمير حفظه الله ورعاه ولن ينسوا قوله:الكويت وطني ألفنا ارضه وسماءه وبحره وبره.نعم القول قولك أيها الشهيد الدكتور وليد العلي.منزل عشقنا سهله وبره وبحره، فهو بكرة طفولتنا وهو أصيل رجولتنا تختلف فيه مذاهبنا وتأتلف بحبه مشاربنا.عزيزي القارئ: نحن اليوم في هذه الذكرى الأليمة، وفي رحاب شهر الخير نتضرع إلى المولى العلي القدير بأن يرحم شهداءنا جميعاً وأن يقي هذه الديرة الطيبة كل شر ويبعد عنها كل بلاء وأن يبارك في جهود جميع المخلصين الذين يدافعون لصد هذا الوباء الوبيل، الذي تتعرض له الدنيا بأسرها وأن يحفظ هذه الديرة وأهلها الطيبين ويبعد عنها كل شر، إن ربي هو ولي ذلك والقادر عليه.اللهم بارك لشهداء مسجد الإمام الصادق عليه السلام ولجميع شهداء الوطن في حلول دار البلاء وطول المقامة بين أطباق الثرى، واجعل القبور بعد فراق الدنيا خير منزل لهم واخلف على أهليهم وذويهم واحبتهم بالصبر والسلوان.وصدق الاديب العم علي يوسف المتروك حيث قال في رائعته:سيبقون ذكرى في القلوب مضيئةلتفتح منا أعينا ادمنت نعسافبالأمس نال الغدر منا أحبةعلى يد مأفون لهم جاء مندسا يد أوغلت بالإثم في يوم جمعةبشهر له الرحمن شرفه قدسا