نستكمل ما بدأناه حول خطورة إقرار مشروع شراء الدولة لقروض المواطنين ومن ثم جدولتها عليهم بعد إسقاط الفوائد:سادساً: قد يكون الجانب الاجتماعي لإقرار هذا المشروع هو الأخطر على الاطلاق، حيث سيشجع الناس على الاقتراض بصورة مخيفة متى شعر الناس بأن وراءهم دولة تحميهم من عاقبة مغامراتهم، وها هي الاحصائيات المنشورة تبين بأن زيادة قيمة القروض قد ارتفعت من عام 2005 إلى 2006 زيادة كبيرة فاقت الملياري دينار ووصلت إلى ستة مليارات دينار، وقد حدث ذلك في ظل رفض الدولة المستمر لشراء الديون، فكيف لو شرعت قانونا لشراء الديون؟! ونحن لا نلوم من يتسابق على الديون ان شعر بأن ظهره مأمون، ومن أمن العقوبة أساء الأدب.سابعا: لقد تحول الشعب الكويتي خلال عقود قليلة إلى شعب اتكالي قليل الانتاج بسبب التدليل المبالغ فيه من الحكومة، وأصبح كثير من الناس لا همّ لهم غير الاتكالية والإهمال في العمل وطلب المزيد من المزايا من الحكومة حتى أصبحنا في مؤخرة الركب مقارنة مع دول الخليج الأخرى التي سبقتنا أشواطا بسبب الجدية والنشاط الذي فرضه عليهم واقعهم، ونشاط القطاع الخاص قد تخطى الستين في المئة في عدة دول خليجية بينما لم يصل أكثر من 25 في المئة في الكويت، واستحوذت الحكومة على معظم النشاطات العامة بفسادها المركب وعدم فعالياتها ولم يبق الا ان تطلب من الناس المكوث في بيوتهم ويصلهم رزقهم رغدا!!ثامنا: أشعر بالعجب من كلام بعض النواب عن اضطرارهم للموافقة على اسقاط القروض لأن مناطقهم الخارجية لا ترحمهم وهم مضطرون للموافقة، فما هو الفرق بين المناطق الداخلية والمناطق الخارجية من حيث مستوى الدخل؟! إن غالبية أهل الكويت هم موظفون لدى الحكومة، والحكومة لا تحدد في جدول الرواتب مكان السكن لكي تزيد الراتب للمناطق الداخلية وان كان هنالك بضع عشرات من العائلات الغنية في الداخل والخارج، فهذا لا يمكن قياسه على غالبية أبناء الشعب، فكفى العزف على تلك الاسطوانة المشروخة لكسر قوانين البلد وتحويلها إلى بقرة حلوب يتسابق الجميع على التهام ضرعها!!تاسعا: الجانب الديني لا يقتصر على تحريم الفوائد، وانما يتعداها الى خطورة الدين بسبب عواقبه الاجتماعية الكثيرة، فالرسول صلى الله عليه وسلم، امتنع عن الصلاة على صحابي جليل بسبب درهمين مات ولم يسددهما، فكيف بهؤلاء المغامرين الذين يستدينون للسفرات السياحية ولشراء أفخم البيوت وأحسن السيارات، ثم يتباكون على حالهم ويطالبون الدولة بتسديد قروضهم؟! ومع هذا فالمعسرون منهم يمكن للدولة تسديد قروضهم ومساعدتهم ولكن ليس لـ 450 ألف قرض يستطيع غالبية مقترضيها أن يسددوا ما عليهم دون عناء يذكر!! وكم أتعجب من النواب الذين يرفعون الشعارات الاسلامية ثم يضربون بذلك عرض الحائط!!عاشرا: إن الفوائض المالية التي أنعمها الله تعالى على البلد لن تتبخر ان لم نستهلكها في تسديد ديون بعض المواطنين، ولكن هنالك مئات المشاريع الحيوية المثمرة التي يمكن استغلالها فيها بحيث تحقق أرباحا مضاعفة ويتم تشغيل الأيدي العاملة، ونبني بها حضارة متميزة بدلا من ان نصبح أضحوكة عند الآخرين في طريقة تبديدنا لأموالنا بسبب بضعة نواب يريدون ضمان فوزهم بكرسي البرلمان بأي وسيلة حتى ولو أحرقوا روما على أهلها وبددوا أعز ما نملك!!

د. وائل الحساويwae_al_hasawi@hotmail.com