تتوقع المستشارة أنجيلا ميركل، إصابة نحو 70 في المئة من سكان ألمانيا، بفيروس كورونا المستجد، إذا لم يلتزم الـ82 مليون نسمة منازلهم ويأخذوا الحيطة القصوى. وهذا يعني نحو 57 مليوناً في البلاد لوحدها. وإذا كان هذا العدد هو نفسه ينطبق على بريطانيا التي أكد رئيس وزرائها بوريس جونسون، على الرقم نفسه قبل أيام، فهذا يعني أن 46 مليوناً سيصابون من أصل 66 مليون بريطاني. وإذا كان الرقم نفسه ينطبق على القارة الأوروبية بأكملها والبالغ عدد سكانها 741 مليوناً، فهذا يعني ما يراوح نصف المليار من سكان «القارة العجوز» فقط.ارتفع رقم المصابين بوباء «كوفيد - 19»، من حالة صفر إلى مئة ألف في غضون 97 يوماً. ولكن الرقم قفز من 100 ألف إلى 200 ألف في نحو 12 يوماً فقط. وكل ثلاثة أيام يتضاعف عدد المصابين مرتين إلا إذا التزم الإنسان، حامل الفيروس، منزله.ويقول الأطباء الأوروبيون، إن الدول المصابة لم تعد تعلن بصراحة عن حجم الإصابات لمنْع الذعر بين الناس، وتدْهور الوضع الاقتصادي العالمي الذي سيحتاج سنواتٍ طويلة ليتعافى. ويؤكد مسؤول مستشفيات منطقة الشمال الإيطالي أن الأرقام يجب مضاعفتها على الأقل خمس مرات، لتكون أقرب إلى الحقيقة.أما المشكلة فهي استخفاف أوروبا بالفيروس والاعتقاد أنه إنفلونزا في الدرجة الأولى، ثم ظنّت أوروبا أن إيطاليا هي فقط المصابة فعزلتْها ولم تتخذ إجراءات كافية لحماية سكان الدول الأخرى، وقد وقعت بريطانيا في الفخ نفسه ولم تتعلّم الدرس من إيطاليا ولا من الصين ولا من كوريا الجنوبية. واستلزم أسابيع لجونسون ليعلن فقط ليل الأربعاء، إغلاق المدارس والجامعات ابتداءً من اليوم، وهو إعلانٌ كان يجب أن يصدر قبل أسبوعين على الأقل.لم تشهد أوروبا تحدياً مماثلاً منذ الحرب العالمية الثانية، كما قالت ميركل. إذ لم تعد العائلات تستطيع دفن أمواتها المصابين، لسببين: الأول لأن العائلة كلها تكون مصابة، والثاني أن البلدية هي التي تهتمّ بالدفن (ولائحة الانتظار طويلة)، وبوجود فرد واحد من العائلة بسبب قانون منع التجمْهر لأكثر من شخصين في الشوارع الأوروبية.وقد تجاوز عدد الإصابات في أوروبا الـ82 ألف شخص، وهو أكثر من عدد إصابات الصين. وتعود أسباب ذلك إلى: عدم رفْع جرس الإنذار في الوقت المناسب، عدم اتخاذ التدابير لمنْع المدارس والجامعات والمقاهي والمطاعم ومراكز الرياضة، عدم الطلب من الشعب وقف التجول إلا لشراء حاجياته مع أخذ مسافة مترين بين شخص وآخر، عدم إلزام الناس التواجد في المنازل وعدم السفر بين المدن واستخدام وسائل النقل العامة، الأمر الذي يضع الكوادر الطبية أمام خطر عدم وجود أعداد كافية لمواجهة الإصابات الكبيرة المتوافدة إلى المستشفيات خصوصاً في ظل عدم وجود أجهزة تنفس لجميع المصابين الذين تخطوا الحالة الحرجة... هذا الخليط من الأخطاء أصبح قاتلاً للشعب الأوروبي.وقد أرسلت الصين، خبراءها الموجودين اليوم في المختبرات الأوروبية والطواقم الطبية والأدوات الطبية اللازمة لمساعدة إيطاليا وإسبانيا، الدولتان اللتان تتجهان إلى مستوى الكارثة بسرعة وتلحقهما ألمانيا ولن تتأخر بريطانيا خلفها. ولكن الحاجة أكبر بكثير من حجم الانتشار والإصابات. ويتجاوز عدد المصابين الأوروبيين بين الطواقم الطبية في إيطاليا بالذات نحو 18 في المئة من الأطباء والممرضين والممرضات الذين يساعدون الناس في مكافحة الفيروس. وهذا مؤشر خطير لأن عدد هؤلاء في تناقُص مستمر.وقررت إيطاليا اعتماد النظام الكوري لمنْع الناس من التجمع، وهي بدأت بخرق الخصوصية واستخدام شركات الهاتف لتتبُّع أعداد المدنيين المتجمّعين في مكان واحد، إذ تدلّ إشارة الهاتف على أسماء وأعداد الأشخاص الموجودين مع بعضهم البعض. وقررت الحكومة تنفيذ عقوبة بحق المجتمّعين تبدأ بمبلغ 205 يوروات ويصل إلى 5000، لمَن يخالف قرار عدم التجمع، بينما اختارت فرنسا تغريم مَن يخالف هذا القرار (عدم التجمع) 38 يورو سيزداد في كل أسبوع.ومن المتوقّع أن يبلغ عدد المصابين في أوروبا وحدها أكثر من 100 ألف في نهاية الأسبوع ليتضاعف الأسبوع المقبل ويستمر بالارتفاع حتى يلتزم الناس منازلهم. وفي كل ساعة تمرّ يسجل الآلاف من المصابين لأن الفيروس يبقى لساعات في الجوّ وعلى الكرتون والخشب والحديد لمدة يوم إلى خمسة أيام.يقول علماء الفيروسات في أوروبا إن الإصابات ستطاول عدداً لا يمكن إحصاؤه من الناس، هذا الأمر لا شك فيه أبداً. وبالتالي فإن كل التدابير الاحترازية تهدف لخفْض إمكان انتشار الفيروس لأشهر فقط لكسْب الوقت وإيجاد الدواء اللازم.يستخدم الأطباء اليوم الأدوية المضادة لمرض ايبولا والملاريا لإبطاء سرعة التفشي. ولكن لغاية اليوم لم يجد أحد الدواء، ودول عدة تُجْري تجارب لن تُخرج اللقاح المضاد للفيروس قبل السنة المقبلة. أي وعود متفائلة، هي غير دقيقة. وبالتالي على العالم الاستعداد لملايين المصابين، ولكن المساهمة الضرورية تبقى لإبطاء سير فيروس قاتل يصيب المرء أكثر من مرة. إنه عدو يرانا ولا نراه ولا ندري من أين سيأتي، وهو سيلازمنا لمدة لا تقل عن 6 - 8 أشهر مقبلة.